وتكون موهومات التكليف في نظره قليلا فيحتاج في رفع العسر إلى ترك الاحتياط في جميع الموهومات ، وربّ شخص يكون بالعكس فيرتفع عسره بترك الاحتياط في بعض الموهومات.
وأيضا لا وجه لإلغاء الظن بالطريق غير الموجب للظن بالواقع وجعله في سلسلة الموهومات لأنه مشارك للظن بالواقع من جهة تفريغ الذمة ، ففي العمل بكليهما يحصل الظن بالفراغ ، فإن سلّمنا أنّه يرفع اليد عن الاحتياط في الموهومات مطلقا ويؤخذ به في المظنونات فالواجب جعل الموهوم الذي قام عليه طريق ظني في سلسلة المظنونات ، وأيضا لا ينحصر وجوه الترجيح في الترجيح بحسب الاعتقاد ، بل مطلق الأقربية إلى الواقع والأهمية في نظر الشارع من المرجحات في نظر العقل ، ولعلك لو راجعت كلام المصنف فيما سيأتي عند ذكر المعممات لدليل الانسداد تظفر بالإشارة إلى الإيرادات الثلاثة (١).
وقد يقال : إنّه لو بني على تبعيض الاحتياط يمكن التبعيض بوجه آخر وهو أن يعمل بالاحتياط فيما يبتلى به أولا فأولا حتى يبلغ إلى حد العسر
__________________
(١) أقول : الإنصاف أنّ الإيراد الثالث ضعيف ، لأنّ العقل إنّما يحكم بلزوم الاحتياط التام أوّلا لإدراك التكاليف الواقعية ، فإذا قلنا بعدم وجوب هذا الاحتياط للزوم العسر أو الإجماع على عدمه يحكم العقل بلزوم رعاية ما هو أقرب إلى الاحتياط التام من حيث إدراك الواقع ، ومن الواضح أنّ الأقرب إلى الاحتياط التام هو تقديم المظنونات ثم المشكوكات إن لم يوجب مراعاتها العسر ولم يكن مخالفا للإجماع ثم الموهومات المقابلة للظن الضعيف وهكذا إلى أن يبلغ حدّ العسر أو يعلم الإجماع على سقوط الاحتياط أزيد من ذلك.
والحاصل أنّ ملاحظة حق الناس وحق الله والأهم وغير الأهم أجنبية عن المقام في حكم العقل بالاحتياط ، نعم لو دار الأمر بين المتساويين من حيث إدراك الواقع يحكم العقل بالترجيح بالمرجحات الأخر من الجهات المذكورة وغيرها ، هذا.