بل يظهر منه دعوى تقيد الحكم الواقعي بالطريق المنصوب في قوله ، ومرجع هذين القطعين عند التحقيق إلى أمر واحد وهو القطع بأنّا مكلفون تكليفا فعليا بالعمل بمؤدى طرق مخصوصة ، وأيضا يصرح فيما بعد ذلك من كلامه الذي لم ينقله المصنف بأنّ الأحكام الواقعية المعلومة مشروطة بالإتيان بها بالطرق المنصوبة.
وكيف كان ، من أراد الاطلاع على حقيقة مراده كما هو حقه لا ينبغي أن يقتصر على ملاحظة ما حكاه المصنف عنه ، بل عليه أن يراجع كلامه في الفصول إلى آخره كي تتّضح له حقيقة مرامه ، وقد أكثر الإيرادات والأجوبة ، وأكثر ما يورد عليه المصنف متصيد من مطاوي كلماته ، وربما أجاب عن بعضها بجواب لم يكن مرضيا عند المصنف.
قوله : وربما يجعل تحقق الإجماع على المنع عن العمل بالقياس وشبهه (١).
(١) هذا الكلام بظاهره مصادرة ، ويمكن توجيهه بأنّ المنع عن العمل بالقياس لا يجامع عدم نصب الطريق التعبدي ، إذ مع عدم النصب يكون الحوالة على الطريق العرفي الذي يسلكه العقلاء في أوامر الموالي بالنسبة إلى عبيدهم وغيرها ، ومن المعلوم أنّ الطريق العقلائي المتعارف حين تعذر العلم بالمقصود هو الأخذ بالظن مطلقا من غير فرق بين أفراده ، وحينئذ لا معنى لإخراج الظن القياسي من بينها والمنع عن الأخذ به ، وأما مع فرض نصب الطرق التعبدية فلا مانع من أن يمنع عن بعضها كالقياس وشبهه ، كما أنّه اعتبر بعضها الآخر ، ولعله إلى هذا التوجيه يشير قول المصنف في رد هذه الدعوى بأنّ مرجع هذا إلى
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٤٤٢.