قوله : ومنشأ ما ذكره (قدسسره) تخيل أنّ نفس سلوك الطريق الشرعي المجعول (١).
(١) هذا التخيل بعيد عن ساحة جلالة هذا المحقق النحرير ، لأنّ من الواضح أنّه يجب تحصيل طريق إلى مطلق المجعولات الشرعية سواء كان ذلك المجعول حكما شرعيا أو طريقا جعليا ، فالعلم بالواقع والعلم بالطريق المجعول في عرض واحد ، كما أنّ نفس الحكم الواقعي والطريق المجعول أيضا في عرض واحد فكيف يشتبه هذا على مثل ذلك المحقق.
ثم يستفاد من كلام المصنف أنّ هذا التخيل ينتج مقصود المحقق لو كان حقا ، وهو غير واضح إذ لو سلّمنا أنّ العمل بنفس الطريق كالعمل بالعلم بالواقع ملازم للقطع بالتفريغ لا نسلّم أنّ الظن بالطريق يلازم الظن بتفريغ الذمة بعد كون هذا الظن مشكوك الحجية فتدبّر.
وقد حكى السيد الأستاذ (دام بقاه) (٢) عن أستاذه الشيخ محمد باقر ولد المحقق المذكور أنه أخطأ المصنف في فهم كلام المحقق وقال : إنّ مراده أنّه يجب في حكم العقل أوّلا تحصيل العلم برضاء الشارع بما يعمله المكلف من موافقة الواقع أو الطريق ، فلو انسد باب العلم يجب في حكم العقل تحصيل الظن برضا الشارع بما يعمله بأي وجه من أي طريق حصل ذلك الظن بالرضا ، وإنكار هذا المعنى مكابرة ، فمراده من الظن بالطريق هو الظن بما يرضى به الشارع فعلا من المكلف ، واستشهد على استفادة هذا المعنى من كلامه بتعبيره بتفريغ الذمة في حكم المكلف وحكم الشارع مرارا متعددة فتدبر ، وهذا المعنى لا يرد عليه
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٤٥٩ ـ ٤٦٠.
(٢) [المقصود به هو السيد الطباطبائي اليزدي (قدس سرّه)].