العموم وهو دور محال. وإن شئت قلت : إنّ حكم العام من قبيل لازم الوجود للشك السببي كما هو شأن الحكم الشرعي وموضوعه ، فلا يوجد في الخارج إلّا محكوما ، والمفروض أنّ الشك المسببي أيضا من لوازم وجود ذلك الشك ، فيكون حكم العام وهذا الشك لازمين لملزوم ثالث في مرتبة واحدة فلا يجوز أن يكون أحدهما موضوعا للآخر لتقدم الموضوع طبعا (١) انتهى.
وقد أشار المصنف إلى الوجه الثاني أيضا في مسألة عدم تعارض الأصل الجاري في ملاقي أحد طرفي الشبهة المحصورة مع الأصل الجاري في الطرف الآخر الذي هو في عرض الأصل في الملاقى بالفتح فراجع.
وفي الجوابين نظر ، أما الدور فلأنّا لا نسلّم توقف فردية المحكوم على خروج الحاكم أعني الاستصحاب السببي عن العام ، بل فرديته متحققة في نفس الأمر في عرض فردية الحاكم مع قطع النظر عن شمول الحكم وإنّما جاء التنافي والتدافع من قبل شمول الحكم كما لا يخفى.
وأما الجواب الثاني ، فلأنّ حكم العام وإن كان من حيث كونه لازما للحاكم متأخرا عنه طبعا وفي عرض الشك في المحكوم لكنه يجوز أن يكون لازما للمحكوم أيضا متأخرا عنه من حيث عروضه له ، وإن شئت قل إنّ حكم العام ينحل بحسب تعدد أفراده إلى أحكام ، فالفرد من الحكم الذي عرض للحاكم لازم له متأخر عنه وفي عرض فرد آخر من الموضوع ، وما يعرض للمحكوم ويتأخر عنه فرد آخر من الحكم ، وبمثل ذلك يجاب عن الأصل في مسألة الملاقي ، فإنّ الشك في جانب الملاقي بالكسر وإن كان في طول الشك في الملاقى بالفتح لأنّه مسبب عنه ولا ينافي ذلك أن يكون في عرض شك
__________________
(١) فرائد الأصول ٣ : ٣٩٧ ـ ٣٩٨.