«إنَّ اللهَ وملائِكتَهُ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِها وَحتّى الْحُوتَ فِي الْبَحْرِ يُصَلُّونَ عَلى مُعَلِّمِ النَّاس الْخَيْرَ» (١).
وهذا المضمون ورد في أحاديث عديدة اخرى أيضاً.
وفي حديث آخر عن النّبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله أيضاً :
«ألا أُخْبِرُكُم بأجودِ الأجْوَدِ؟ الله الأجْوَدُ الأجْوَدُ! وأنا أجْوَدُ وُلدِ آدم! وأجْوَدكُمَ مِنْ بعدي رَجُلٌ عَلَّمَ عِلْماً فَنَشَرَ عِلْمَهُ ، يُبعَثُ يومَ القيامة أُمّةً وَحْدَهُ!» (٢).
والتّعبير بالأُمّة ، يبين لنا بوضوح سعة وجود المعلمين في موازاة سعة انتشار تعليماتهم بين المجتمع البشري ، وكلمّا كان عدد تلامذتهم أكثر كانت سعة شخصيتهم المعنوية الاجتماعيّة أوسع ، حتّى تصل أحياناً إلى سعة أمَّة كاملة.
وقد بلغت أهمّية نشر العلم والمعرفة والثّقافة في الإسلام إلى درجة أنّه ورد في حديث معروف أنّ مجلس العلم روضة من رياض الجنّة (٣).
والملفت للنظر أنّ أي عمل في الإسلام يكون مقدمة لنشر العلم أو يتناسب معه ، يعد عبادة ، فقد ورد في حديث عن النّبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله : «مُجالَسةُ العُلماءِ عِبَادَةٌ» (٤).
وفي حديث آخر عن الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام قال : «النّظرُ إلى وجهِ العالمِ حُبّاً لهُ عِبادةٌ» (٥).
وفي حديث آخر عن النّبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله قال لأبي ذر : «الجلُوسُ ساعةً عِندَ مُذاكَرةِ العِلْمِ
__________________
(١) كنز العمال ، ح ٣٨٧٣٦.
(٢) ميزان الحكمة ، ج ٦ ، ص ٤٧٤.
(٣) هذا الحديث وإنْ لم نعثر على نصّه في المصادر الإسلاميّة ، إلّاأنّه ورد في بعض الرّوايات عن النّبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «بادروا إلى رياض الجنّة ، قالوا : يا رسول الله وما رياض الجنّة؟ قال : حَلَقُ الذكر» ، وبعد أن ذكر المرحوم الفيض الكاشاني هذا الحديث في المجلد الأوّل من الوافي ، قال : والمراد من حلقة الذّكر هنا ، وكما ورد في أحاديث اخر في هذا الباب ، هو مجلس العلم (الوافي ، ج ١ ، ص ١٧٧).
ونقل الترمذي في صحيحه هذا الحديث بتفاوت بسيط «إذا مررتُم برياض الجنّة فارتعوا. قالوا : وما رياض الجنّة؟ قال : حَلَقُ الذكر» صحيح الترمذي ، ج ٥ ، ص ٥٣٢ ، باب ٨٣ ، ح ٣٥١٠).
(٤) بحار الأنوار ، ج ١ ، ص ٢٠٤.
(٥) المصدر السابق ، ص ٢٠٥.