بيت المال ، له ولأقربائه ، فعزله الإمام عليهالسلام من ولايته وحبسه مدة من الزمن (١).
ونرى هنا أنّ عيون الإمام عليهالسلام قد نقلوا خيانة هذا الوالي الخفيّة بعد أن كشفوها ، وأنّ الإمام عليهالسلام أبدى موقفاً شديداً تجاهه.
٨ ـ جاء في تاريخ حياة الإمام الحسن المجتبى عليهالسلام لمّا بلغ معاوية بن أبي سفيان وفاة أمير المؤمنين عليهالسلام وبيعة النّاس ابنه الحسن عليهالسلام دسَّ رجلاً من حِمْيَر إلى الكوفة ، ورجلاً من بني القين إلى البصرة ليكتبا إليه بالأخبار ، ويفسدا على الحسن الأمور ، فعرف ذلك الحسن عليهالسلام فأمر باستخراج الحميري من عند لجّام بالكوفة ، فأُخرج وأمر بضرب عنقِه ، وكتب إلى البصرة باستخراج القينيِّ من بني سليم فأُخرج وضُربت عُنُقه» (٢) وكتب الحسن عليهالسلام إلى معاوية : أمّا بعد فإنّك دسست الرّجال للإحتيال والإغتيال وارصدت العيون كأنك تحب اللقاء وما أشكُّ في ذلك فتوقعه إن شاء الله.
٩ ـ بعد حرب صفين أعلن جماعة من «بني ناجية» يتزعمهم «الحريث بن راشد» مخالفتهم للإمام ونقضهم البيعة ، فأرسل الإمام عليّ عليهالسلام إلى الحريث وطلب منه المثول عنده ليبيّن له السُنَن وأموراً من الحق ، فلم يحضر الحريث وفرَّ برجاله ، وفي الطريق قتلوا رجلاً مسلماً من أتباع الإمام عليهالسلام ، وتركوا يهودياً واعتبروه من أهل الذمّة ، فكتب الإمام عليهالسلام كتاباً إلى عمّاله في تلك المناطق ، مضمونه : أنّ قوماً مذنبين هربوا ، ونظن أنّهم قصدوا البصرة ، وكان ممّا جاء في ذلك الكتاب : «واجْعَل عليهم العيون في كل ناحية من أرضك ثم اكتب إليّ بما ينتهي اليك عَنْهُمْ» (٣).
* * *
من مجموع الروايات الآنفة الذكر ، والرّوايات والتّواريخ الاخرى التي يطول المقام بذكرها ، يتضح جيداً أنّ أجهزة التجسس والتفتيش كانت تعمل دائبة في عصر النّبيّ
__________________
(١) سفينة البحار ، مادة (نذر).
(٢) بحار الأنوار ، ج ٤٤ ، ص ٤٥ ، ح ٥.
(٣) شرح نهج البلاغة ، لابن ابي الحديد ، ج ٣ ، ص ١٣٠.