وَتَطْريداً حتى يأتي قَومٌ مِن قِبلِ المَشرقِ معهم رايات سود فَيسألون الخير فلا يعطونه فيقاتلون وينصرون فيُعطون ما سألوا فلا يَقبلونَهُ حتّى يَدفَعوها إلى رَجُل مِن أهلِ بِيتي فَيملأها قِسطاً كما ملأوها جَوْراً ، فمن أدركَ ذلكَ مِنْكُم فليأتهم وَلَو حَبواً على الثَلْج» (١).
يستفاد من ذيل هذه الرواية بكل وضوح أنّ هذه الثورة ستحدث قبيل ثورة المهدي عليهالسلام ، وأنّها الممهدة له عليهالسلام فضلاً عن مشروعيتها.
* * *
ويظهر بجلاء من كل ما قيل في هذا الفصل أنّ ثورات ستحدث قبل ظهور المهدي (عج) فيها صبغة إلهيّة ، بعضها يؤتي أُكله وبعضها ينتهي بالفشل ، وليس أن كل راية ترفع قبل المهدي (عج) راية ضلال وطاغوت حتّى لو كانت بإذن أهل البيت عليهالسلام وعلى خطاهم ، (تأمل جيداً).
٣ ـ والحاصل أنّ الروايات التي تقول : «كل راية ترفع قبل قيام المهدي عليهالسلام راية ضلال وصاحبها طاغوت ...» ، يجب تفسيرها بشكل بحيث تتلاءم مع المسلّمات الفقهية وأحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر «محاربة الفساد» ، وكذلك مع الثورات العديدة التي حدثت في زمان المعصومين عليهمالسلام وأمضوها بدورهم عليهمالسلام. ولدينا لتفسير هذه الروايات عدّة سبل :
١ ـ المراد بها ، تلك الثورات المنحرفة ، الثورات التي تقع بدون إذن واجازة المعصومين عليهمالسلام ، أو الحكّام الشرعيين أو نواب الإمام المهدي (عج) في عصر الغيبة.
٢ ـ المراد منها ، الثورات التي تحدث بقصد الدعوة لأنفسهم لا لأهداف آل محمد صلىاللهعليهوآله ، حيث تمّت الإشارة إلى ذلك في الروايات أكثر من مرّة.
٣ ـ المراد بها ، الثورات التي تظهر في فترات معينة بدون استعداد لها ، وأنّ الأئمّة عليهالسلام إنّما تلفظوا بتلك الجمل ونهوا عن ذلك للحد من الثورات التي لم تنضج بعد.
__________________
(١) سنن ابن ماجة ، ج ٢ ص ١٣٦٦ ، ح ٤٨٢.