وخلفاؤهم في كل أمر من التعليم ، والدعاء لهم إلى كل خير وطاعة.
وقيل : الصديق : هو الذي يصدق الرسول صلىاللهعليهوسلم في أول دعوة دعاه إلى دين الله ـ تعالى ـ وفي أول ما عاينه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالشُّهَداءِ) قيل : الشهيد : الذي قتل في سبيل الله (١).
وقيل : الشهيد : هو القائم بدينه (٢).
وقيل : الصديقون والشهداء والصالحون كله واحد.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً) دلت الآية على أن الجزاء إفضال من الله ـ تعالى ـ إذ قد سبق من عنده الإنعام والإفضال عليهم ؛ فيخرج طاعتهم له مخرج الشكر له ، لا أن عليه ذلك وأن الجنة لا يدخل فيها إلا برحمته وفضله.
وقوله : ـ أيضا ـ (ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ) أي : ذلك الإنعام الذي أنعم عليهم فضل من الله.
ويحتمل قوله : (ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ) أي : ما أحسن من الرفقة بينهم ؛ فذلك فضل منه.
والآية ترد على أصحاب الأصلح ؛ لأن تلك الأفعال إنما صارت قربة لله بإنعام من الله وإفضاله وتوفيقه ، وبه استوجبوا الثواب.
وقوله ـ تعالى أيضا ـ : (ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ) بعد العلم بأن الفضل هو بذل ما لم يكن عليه ، وبذل ما عليه هو الوفاء ، لا الفضل في متعارف اللسان والمعتاد.
ثم لا يخلو من أن يرجع منه إلى الخيرات التي اكتسبوها ؛ فيبطل به قول المعتزلة بما لا يخلو من أن كان منه ذلك الفضل (٣) أو مثله إلى الكافر أولى ، فإن كان منه لم يكن للامتنان منه بالذي كان منه وجه يستحقه ، وقد كان منه إلى غيره ، فلم ينل تلك الدرجة ، ولا بلغ تلك الرتبة ؛ فبان أنه لا بذلك بلغ من بلغ ، فيكون منه فيما لم يكن.
وأيضا : إنه لو لم يكن معه ذلك عنهم لم يكن البذل فضلا لما ذكرت ؛ ثبت أن ليس الحق عليه كل ما به الأصلح في الدين ؛ لما يزيل معنى الفضل ، وإن لم يكن إعطاء الكافر مثله فهو عندهم محاباة منه على المؤمن ، وقد منع ما عليه في الأصلح ، وذلك عندهم بخل ، جل الله عما وصفوه.
__________________
(١) ينظر تفسير ابن جرير (٨ / ٥٣٢) ، وتفسير الرازي (١٠ / ١٣٩) ، واللباب (٦ / ٤٧٩).
(٢) ينظر الرازي (١٠ / ١٣٩) ، اللباب (٦ / ٤٨٠).
(٣) في ب : الفعل.