إنعام ، وكان في فعل الخير ذلك ، لا بالأمر والنهي ؛ إذ هما يستويان في كل واحد ، والله أعلم.
ثم أوضح ذلك خبر عبد الله ، فطعنه قوم لمخالفة المصحف المعروف ، قلنا : ليس بذي خلاف ، إنما هو بيان المطلق ، وقد يقبل خبر الآحاد في مثله ، والله أعلم.
وقيل : خبر عبد الله من خبر الآحاد ، ولعله ليس قبل مصحفه [كلمة] تروى عنه العامة لا تحتمل التبديل ، وأما خبره عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ إذ لا يجوز اختراع القراءة مرفوع ، وخبر الفرد فيه يقبل ، فيما لا خلاف فيه ، وإن كان فيه تأويل الظاهر ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً).
قيل في حرف حفصة : «وأرسلناك إلى الناس رسولا» ،
(وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً)
قيل : (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) [أي](١) : بأنك رسول الله.
وقيل : (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) على ما يضمرون في قلوبهم.
وقيل : فلا شاهد أفضل من الله بأنك رسوله.
وفي قوله ـ أيضا ـ : (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) وجوه :
أحدها : إن جحدوا تبليغك في الدنيا ، أو يقولوا : لم تعلم رسالتك.
والثاني : أن يكون بالآيات التي جعلها الله ـ تعالى ـ لرسالتك تحقق ، وشهادة الله لك بالرسالة [شهيدا] لك (٢) ، أو مبينا ، أو حجة.
والثالث : أن يكون جعل علم الأنبياء والرسل ـ عليهمالسلام ـ وتبليغهم الخبر إليهم شهادته وكفي به شهيدا على ما أضاف بيعة الرسول صلىاللهعليهوسلم إليه ، ونصر أوليائه إليه ، قال الله ـ تعالى ـ : (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ) [الشعراء : ١٩٧].
ويحتمل : شهيدا مبينا ، أو حكما مبينا ، فمعناه : فيبين لهم بالمعاينة ما كان بينه بالدلالة والآيات ، وحكما فاصلا بين المحق والمبطل ؛ فيخرج الوجهان جميعا مخرج الإعراض عن المحاجة بما ظهر من العناد والمكابرة ، وتفويض الأمر إلى الله وإخبار عن الفراغ مما كان عليه فيهم من حق البلاغ ، ولا قوة إلا بالله.
قوله تعالى : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (٨٠) وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) في أ : إليك.