إنما كانوا يذبحون بسن أو ظفر غير منزوعة ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ).
أي : للنصب ، قيل : كانوا يذبحون للأوثان والأصنام التي يعبدونها ؛ يتقربون بذلك إليها (١) ؛ كما كان أهل الإسلام يتقربون بالذبائح يذبحونها إلى الله ؛ فحرم الله ـ عزوجل ـ ما كانوا يذبحون للنصب (وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) ؛ لما ذكرنا أن الأمر به خرج مخرج قبول النعمة والشكر له فيما أنعم عليهم من عظيم النعم ؛ فإذا أهلوا به لغير الله ـ [أي : لغير](٢) ـ وجه الله لم يقبلوا نعمه ، ووجهوا الشكر إلى غيره ؛ فحرم لذلك ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ)(٣).
قيل : سهام العرب وكعاب فارس التي يتقامرون بها (٤).
وقيل : الأزلام : هي القداح ، كانوا يقتسمون بها الأمور : فكان الرجل إذا أراد سفرا أخذ قدحا ، فقال : «هذا يأمره بالخروج» ، فإن هو خرج فهو مصيب في سفره خيرا ، ويأخذ قدحا آخر ؛ فيقول : «هذا يأمره بالمكث» ، فإن هو خرج فليس بمصيب خيرا في [سفره. و](٥) المنيح بينهما ؛ فنهي الله عن ذلك ، وأنبأ أن ذلك فسق ؛ بقوله : (ذلِكُمْ فِسْقٌ)(٦).
__________________
ـ في اللبة ، وقال : «إنما الذكاة في الحلق واللبة» فبين محلها وعين موضعها ، وقال مبينا لفائدتها : «ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل». فإذا أهمل ذلك ولم تقع بنية ولا بشرط ولا بصفة مخصوصة زال منها حظ التعبد ، فلم تؤكل لذلك.
(١) قال نحوه قتادة ، أخرجه عنه الطبري (٩ / ٥٠٩) ، رقم (١١٠٥٢).
(٢) سقط من ب.
(٣) قال القاسمي (٦ / ٤٢) : في الإكليل : استدل بهذه الآية على تحريم القمار والتنجيم والرمل وكل ما شاكل ذلك. وعداه بعضهم إلى منع القرعة في الأحكام ، وهو مردود. انتهى. أي لتباين القصد فيهما. فإن القرعة في قسمة الغنائم وإخراج النساء ونحوها ، لتطييب نفوسهم والبراءة من التهمة في إيثار البعض. ولو اصطلحوا على ذلك جاز من غير قرعة. كما (في العناية).
قال الحاكم : وتدل على تحريم التمسك بالفأل والزجر والتطير والنجوم. فأما التفاؤل بالخير فمباح. قال الأصم : ومن هذا قول المنجم : إذا طلع نجم كذا فاخرج ، وإن لم يطلع فلا تخرج.
(٤) قاله مجاهد ، أخرجه عنه الطبري (٩ / ٥١٢) ، برقمى (١١٠٦٤ ، ١١٠٦٥) ، وعبد بن حميد كما في الدر المنثور (٢ / ٤٥٤).
(٥) في ب : سفر أو.
(٦) قاله قتادة ، أخرجه عنه الطبري (٩ / ٥١٢) ، رقم (١١٠٦٧).
والمنيح : سهم من سهام الميسر الأربعة التي ليس لها غنم ولا عليها غرم. ينظر : المعجم الوسيط (منح).
وأوّلها : المصدّر ، ثم المضعّف ، ثم المنيح ، ثم السّفيح. ينظر : لسان العرب (منح).