وعن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه أتى بسكران ، قال : يا أمير المؤمنين ، إنما نشرب من نبيذك الذي في الإداوة ؛ فقال عمر ـ رضي الله عنه ـ : لست أضربك على النبيذ ، إنما أضربك على السكر (١).
فهذه الأخبار التي ذكرنا دلت على [تحريم الخمر بعينها ، والسكر من كل شراب.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ) يدل على](٢) تحريمها ؛ لأنه إذا سكر ، صده عن ذكر الله وعن الصلاة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) في تحريم الخمر ، والميسر ، والأزلام ، والأنصاب ، وغيرها (٣) ، (وَاحْذَرُوا) معصيتهما وخلافهما (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) عن طاعتهما فيما حرم عليكم وحذركم عنه : (فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) في تحريم ذلك ، والله أعلم.
(لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا) أي : شربوا من الخمر قبل تحريمها (إِذا مَا اتَّقَوْا) شربها بعد التحريم (وَآمَنُوا) : أي : [و](٤) صدقوا بالتحريم ، (ثُمَّ اتَّقَوْا) شربها ، (وَآمَنُوا) في حادث الوقت ، (ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا).
وذكر في بعض القصة : أنه لما نزل تحريم الخمر ، قالوا : كيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر؟. فنزل : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا ...) الآية.
لكن هذا لا يحتمل أن يكون كما ذكر ؛ لأنهم شربوا الخمر في وقت كان شربها مباحا ، ولم يشربوا بعد تحريمها ، لكن هذا إن كان فإنما (٥) قالوا في أنفسهم ؛ فنزل : أن ليس عليكم جناح فيما شربتم قبل تحريمها بعد أن اتقيتم شربها بعد نزول حرمتها ، والله أعلم.
وقال بعض الناس : إن في الآية تكرارا في قوله ـ تعالى ـ : (إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا
__________________
(١) أخرجه بمعناه عبد الرزاق في مصنفه (٩ / ٢٢٤) كتاب الأشربة : باب الحد في نبيذ الأسقية ، ولا يشرب بعد ثلاث (١٧٠١٥).
(٢) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(٣) في ب : وغيره.
(٤) سقط من ب.
(٥) في ب : قائما.