والإهطاع : قيل (١) : هو النظر الدائم ، والإقناع : هو الرفع ؛ رفع الرءوس ، مهطعين : أي : مديمي النظر ، مقنعي رءوسهم أي : رافعيها ، وعلى تأويل بعضهم (٢) : مسرعين ؛ على ما ذكرنا. وقال بعضهم (٣) : (مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ) : أي : رافعيها ؛ ملتزقة إلى أعناقهم.
وقوله : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ). [يخرج على وجهين :
أحدهما : يقول : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ)](٤) وقت خلقه الخلق وإنشائهم ؛ عما يكون منهم من الظلم ؛ أي : لا عن غفلة وسهو عن ظلم الظالمين أنشأهم وخلقهم ؛ ولكن على علم بما يكون منهم أنشأهم وخلقهم ؛ لكن أنشأهم على علم منه ؛ [بذلك ؛ لأن منافع ما يكون منهم وضرره يرجع إليهم ؛ فلم يخرج إنشاؤه إياهم على علم منه ذلك](٥) عن الحكمة.
والثاني : ما ذكرنا أن تأخيره العذاب عنهم ـ ليس لغفلة منه بذلك ؛ ولكن لما في أخذهم بالعذاب وقت صنيعهم زوال المحنة ؛ لأنه يصير العذاب والثواب مشاهدة. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ).
[قيل](٦) : خالية ؛ لهول ذلك اليوم ؛ أي : خالية عن التدبير ؛ لأن في الشاهد أن من بلي ببلايا وشدائد يتدبر ويتفكر في دفع ذلك ؛ فيخبر أن أفئدتهم هواء يومئذ : أي : خالية عن التدبير ؛ إذ أفئدتهم لا تكون معهم ؛ لشدة أهواله.
وقال بعضهم (٧) : (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) أي : لا شيء فيها ؛ ما ينتفعون بها ، وهكذا الهواء ـ هواء كل شيء ـ يوصف بالخلاء عن كل شىء. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى
__________________
(١) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٠٨٧١) وعن أبي الضحى (٢٠٨٧٢) ، والضحاك (٢٠٨٧٤ ، ٢٠٨٧٦) ومجاهد (٢٠٨٧٧ ، ٢٠٨٧٨) ، وانظر : الدر المنثور (٤ / ١٦٣).
(٢) قاله سعيد بن جبير ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٠٨٦٨) ، وعن قتادة (٢٠٨٦٩ ، ٢٠٨٧٠) ، وانظر : الدر المنثور (٤ / ١٦٣).
(٣) قاله ابن عباس أخرجه ابن جرير عنه (٢٠٨٨٠) وعن مجاهد (٢٠٨٨١ ، ٢٠٨٨٢) والضحاك (٢٠٨٨٥ ، ٢٠٨٨٨) وغيرهم.
(٤) سقط في ب.
(٥) سقط في أ.
(٦) سقط في أ.
(٧) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٠٩٠١) ، وعن مجاهد (٢٠٩٠٢) وابن زيد (٢٠٩٠٣) وغيرهم.