فلانا ، فعلى ذلك تخصيص العموم.
وقال الحسن : في قوله : (مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) قال : الصلصال : هو الطين الحرّ الذي يتصلصل من صلابته ويبوسته ، والحمأ الطين ، والمسنون : قال : مسنون خلقته ؛ فهو سنة للخلق بعده من ذريته ؛ أن يخلقوا على خلقته ؛ وكقوله : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) [المؤمنون : ١٢] يقول : استلها من بين ظهراني الطين ؛ لا من كل طين خلقه ، وكذلك قال في تناسل ذريته ؛ وهو قوله : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) ليس من كل ماء خلقه ؛ ولكن استلها من بين ظهراني الماء. وقال : الجانّ : إبليس ؛ هو أبو الجن (خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ) : أي : من قبل آدم (مِنْ نارِ السَّمُومِ) : يقول : السموم : هو اسم من أسماء جهنم ، ولها أسماء كثيرة ، أخبر أنه خلقه من نار السموم ؛ أي : جهنم. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) وقال في موضع آخر : (إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ) [البقرة : ٣٤] وقال له : (قالَ يا إِبْلِيسُ ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ) ، وقال في موضع آخر : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) [الأعراف : ١٢] ، وقال في موضع آخر [(ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ) [ص : ٧٥] ، وقال في موضع آخر](١) : (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) [ص : ٧٦].
ذكر مثل هذا على اختلاف الألفاظ ، ومعلوم أن هذه المخاطبات معه ـ لم تكن معه مرارا ؛ ولكن بمرة واحدة.
وقال أبو بكر الأصم : ذكر الله تعالى قصة إبليس ، وقصة الأنبياء جميعا في مواضع على اختلاف الألفاظ ؛ لأنها كذلك كانت في كتبهم ، فذكرها على ما في كتبهم ؛ ليعلموا أن نبى الله إنما عرف ذلك بالله ؛ ليدلهم على صدقه ، وفيه دلالة أن اختلاف الألفاظ وتغييرها ـ لا يوجب اختلاف الحكم بعد ألّا يغير المعنى ، فهذا يدل أن الخبر إذا أدّي معناه على اختلاف لفظه ـ فإنه يجوز ، وكذلك إذا قرأ بغير لسان الذي أنزل ـ فإنه يجوز إذا أتى بمعناه. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ).
قوله : (فَاخْرُجْ مِنْها) : قال بعضهم : اخرج من السماء إلى الأرض. وقال بعضهم :
__________________
(١) سقط في أ.