وقوله ـ عزوجل ـ : (وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ).
على هذا التأويل : يذوقون ذلك في الدنيا ؛ بالقتل والقهر ، ويحتمل في الآخرة ؛ بما صدّوا الناس عن دين الله ، واستبدلوا به الكفر بعد الإيمان.
(وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً).
قال بعضهم : عهد الله : دين الله.
وقال بعضهم : عهد الله الذي عهد إليهم.
ويحتمل عهد الله : ما أعطوا من العهد والأيمان ، أي : ينقضوها بشيء يسير ؛ إنما عند الله هو خير لكم دائم باق ، وهذا زائل فان ، أو ما يجزي بوفاء ما عهدوا خير لكم من هذا ، أي : يجزيكم بوفاء ما ذكر من العهد ـ خير لكم من غيره ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ).
أي : ما أخذتم من الأموال واكتسبتم بنقض العهود والأيمان ينفد ويفنى ، وما عند الله من الجزاء والثواب بوفاء العهد (١) باق.
(وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ).
يحتمل قوله : (صَبَرُوا) على ما أمروا به ، ونهوا عنه ، وصبروا على وفاء العهد.
(بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
يحتمل قوله : (بِأَحْسَنِ) ، أي : الجزاء الذي يجزيهم على الصّبر أحسن من وفاء العهد ، أو يجزيهم بأحسن ما عملوا ، أي : يجعل سيئاتهم حسنات ؛ كقوله : (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) [الفرقان : ٧٠] ، وقوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ) [الأحقاف : ١٦] ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً).
اختلف أهل التأويل [في قوله](٢) : (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) :
قال بعضهم : قوله (٣) : (حَياةً طَيِّبَةً) في الآخرة ، وهي الجنة.
__________________
(١) في أ : بعهد الوفاء.
(٢) سقط في أ.
(٣) قاله قتادة وابن زيد ، أخرجه ابن جرير عنهما (٢١٩٠٧) و (٢١٩٠٩).