[النحل : ٧٣] ، وقوله : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً ...) الآية [النحل : ٧٥] ، وقوله : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ ...) الآية [النحل : ٧٦] ، وقوله : (وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ ...) الآية [النحل : ٧١] ، ونحو هذا.
يجادلهم بأحسن المجادلة بالذى يقرون أنه كذلك على الذي ينكرون ؛ فيلزمهم القبول والخضوع له.
ثم في الآية دلالة تعليم المناظرة في الدين وكيفية المعاملة ـ بعضهم لبعض ـ فيها ؛ حيث قال : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ) : التي عنده بالقرآن أو غيره من الحجج والبينات ، (وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) : هكذا يجب أن يناظر بعضهم بعضا بالوجه الذي وصف الله ، وعلى ذلك ما ذكر الله في كتابه : مناظرة الأنبياء والرسل مع الفراعنة والأكابر ، وهو ما قال : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ ...) [البقرة : ٢٥٨] إلى آخر ما ذكر ، وقوله : (وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ ...) الآية [الأنعام : ٨٠] ، [و] مناظرة فرعون مع موسى ـ صلوات الله عليه ـ حيث قال : (وَما رَبُّ الْعالَمِينَ. قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...) الآية [الشعراء : ٢٣ ، ٢٤] ، ولما قال : (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) [الشعراء : ٢٨] ، وقوله : (فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ. فَأَلْقى عَصاهُ) [الشعراء : ٣١ ، ٣٢] ، وما قال : (قالَ فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى. قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) [طه : ٤٩ ، ٥٠] وأمثاله ممّا يكثر ، فهذه مناظرة الرسل والأنبياء مع الفراعنة والأعداء ؛ فكيف المناظرة بين الأولياء؟! فهذا كله يردّ على من يأبى المناظرة في الدين ويمتنع عن التكلم فيه والاحتجاج.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ).
في الآية نسبتهم إلى الضلال إشارة وكناية لا تصريحا ؛ لأنه لم يقل لهم مصرحا : إنكم قد ضللتم عن سبيله ؛ لحسن معاملته التي علم رسوله وأمره أن يعاملهم ؛ لأن ذلك أقرب إلى القبول وأميل إلى القلوب وآخذ (١) ؛ ألا ترى أنه قال لموسى وهارون حين أرسلهما إلى فرعون : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) [طه : ٤٤].
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ).
اختلف في سبب نزول ذلك :
__________________
(١) في أ : وأحن.