وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (٤٧) وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (٤٨) قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٤٩) وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٥٠) فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (٥١) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥٢) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ)(٥٣)
وقوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) : يحتمل هذا : لقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا ، وأمرناه أن يقول لهم : اعبدوا الله.
وجائز أن يكون قوله : (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) بالرسالة ، أي : أرسلناه ليدعوهم إلى عبادة الله.
وقوله : (اعْبُدُوا اللهَ) : يحتمل : وحدوا الله.
ويحتمل العبادة نفسها : أن اعبدوا الله ولا تشركوا غيره فيها ، ولا تشركوا في تسمية الألوهية غيره ، ولكن وحدوه ، فكيفما كان ففيه أمر بالتوحيد له في العبادة والألوهية له.
وقوله : (فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ) : مؤمن بصالح ومكذب به ، ولم يبين فيم كانت خصومتهم؟ وبين من كانت في هذه الآية؟ لكنه بين في آية أخرى وفسر وهو ما قال : (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ* قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) [الأعراف : ٧٥ ، ٧٦] ، هذه الخصومة التي ذكر في قوله : (فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ) بين الرؤساء من المؤمنين بصالح ، والله أعلم.
وقوله : (يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ) أي : لم تستعجلون العذاب قبل الرحمة ، واستعجالهم العذاب والسيئة ذكر في آية أخرى وهو قوله : (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) [الأعراف : ٧٧] ، فذلك استعجالهم السيئة قبل الحسنة.
وقوله : (لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) أي : لو لا توحدون الله ولا تشركوا غيره في العبادة وتسمية الإلهية ؛ لكي يرحمكم ، وفيه إطماع لهم لو آمنوا وتابوا عنه لرحمهم ؛ كقوله : (إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) [الأنفال : ٣٨].
وقوله : (قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ) أي : تشاءمنا منك وبمن معك ، لم يزل الكفرة يقولون لرسل الله ـ عليهمالسلام ـ ولمن آمن منهم : اطيرنا بكم ، إذا أصابتهم الشدة