وقال أبو عوسجة : الحدائق : البساتين والرياض ، والحديقة : الروضة.
وقال القتبي (١) : الحدائق : البساتين واحدها : حديقة ، سميت بذلك لأنها تحدق بها ، أي : تحيط (ذاتَ بَهْجَةٍ) : حسن المنظر.
وجائز أنها سميت ذات بهجة لما يبتهج صاحبها إذا نظر إليها ويسر.
وقوله : (ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها) أي : ما تقدرون أنتم أن تنبتوا شجرها ، فمن هو دونكم أشد وأبعد ، فكيف أشركتم في العبادة وتسمية الإلهية من هو دونكم في كل شيء؟! وقوله : (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) أي : لا إله مع الله.
(بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) : يحتمل هذا وجهين :
[أحدهما] : يحتمل (يَعْدِلُونَ) أي : يجعلون من لا يملك ما ذكر عديلا لله.
والثاني : (يَعْدِلُونَ) أي : يعدلون عن الله ، ويميلون إلى غيره من العدول ، والله أعلم.
(أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً) : يقرون عليها ، ويتعيشون فيها ويبيتون ، (وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً) : ينتفعون بها أنواع المنافع ويشربون ، (وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ) ، أي : الجبال لئلا تميد بهم ، (وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً) : قال بعضهم : جعل بين بحر فارس والروم جزيرة العرب حاجزا ، وسميت : جزيرة ؛ لما جزر الماء فيها ، أي : ذهب.
وقال بعضهم : بحر الشام وبحر العراق.
وقال بعضهم (٢) : قوله : (وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً) بين العذب والمالح حاجزا بلطفه ، لا يختلط هذا بهذا ولا هذا بهذا ؛ لطفا منه ، يذكرهم نعمه عليهم ولطفه : أن كيف أشركتم في عبادته وألوهيته من لا يملك ذلك ، وصرفتم شكرها إلى غير المنعم؟!
(أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) أي : لا إله مع الله.
(بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) : لأن من لا ينتفع بما يعلم فكأنه جاهل ، نفى عنهم العلم لتركهم الانتفاع به ؛ كما نفى عنهم السمع والبصر واللسان والعقل ؛ لتركهم الانتفاع بهذه الجوارح والحواس ، وإن كانت لهم هذه الجوارح ؛ فعلى ذلك جائز نفي العلم عنهم لتركهم الانتفاع به.
والثاني : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) لما لا يتكلفون النظر فيما ذكر ، أو لا يعلمون أن بينهما حاجزا ، والله أعلم.
__________________
(١) ينظر : تفسير غريب القرآن ص (٣٢٦).
(٢) قاله ابن جرير (٩ / ٥) ، والبغوي (٣ / ٤٢٥).