وإفسادها ، وإخراجها عن الصفة التي أنشأها إلى ما ذكر لم يخرج من الإتقان والإحكام والإبرام ؛ ليعلم أن ليس في إفساد الشيء خروج عن الإتقان إذا كان ذلك لحكمة ، والله أعلم.
وقوله : (إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ) : وعيد لهم.
وقوله : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ) : قالوا جميعا : الحسنة هاهنا : التوحيد والإيمان.
وقوله : (فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) : قيل فيه بوجوه :
أحدها (١) : من جاء بالتوحيد : توحيد ربه [يوم] البعث فله خير منها ، ومجيئه ربه بالتوحيد إذا ختم به فله ما ذكر ، شرط المجيء به ، ولم يقل : من عمل بالحسنة فله كذا ؛ لأن الرجل قد يعمل بالحسنات ثم يفسدها ويبطلها ؛ فلا يثاب عليها ؛ ليعلم أن ما ينتفع بالحسنات في الآخرة الحسنة التي ختم عليها وجاء بها ربه.
وقال بعضهم : قوله : (فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) أي : ما يعطى في الآخرة له من الثواب ، والثواب والجزاء إنما يكون من الحسنة التي كانت منه في الدنيا منها يكون له جميع الخيرات في الآخرة.
وقال بعضهم : (فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) أي : الذي أعطي له في الآخرة من الخيرات خير مما ترك في الدنيا من النعم وصبر عليها ، فذلك خير مما ترك ، كقوله : (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ) [هود : ١١] كذا.
وقال بعضهم : (فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) أي : رؤية الرب ولقاؤه خير مما أعطي غيرها من الخيرات ، على ما يكون في الدنيا رؤية الملك ولقاؤه على الرعية أعظم وأفضل عندهم من غيره من الكرامات وإن عظمت وجلت.
وقال بعضهم : ذلك الثواب والجزاء في الآخرة خير مما عملوا به من الخيرات في الدنيا ؛ لأن الثواب وجوبه الفضل والرحمة لا الاستيجاب والاستحقاق ؛ إذ في الحكمة والعقل وجوب العمل ، وليس فيهما وجوب الثواب ، فما هو سبيله فضل الله خير مما هو غيره.
لكنه عورض بأن ما كان سبيل وجوبه الحكمة والعقل خير مما كان سبيل وجوبه الإفضال ؛ إذ ما كان سبيل وجوبه الحكمة والعقل لا يسع تركه ، وما كان [سبيل] وجوبه الإفضال له تركه ، لكنه قال : إن قوله : (فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) ، أي : في طباعكم ووهمكم ذلك
__________________
(١) قاله ابن جرير (١٠ / ٢١).