عرفوا ذلك إلا بالرسل ؛ دل أن أوائلهم يقرون بالرسل والنبوة ، فعلى ذلك يلزم هؤلاء الإقرار بها ، والله أعلم.
وقوله : (فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ) : يخبر : أن من آمن وقبل الهدى فإنما يفعل ذلك لمنفعة نفسه ، ومن ضل ـ أيضا ـ فإنما يكون ضرره عليه ؛ كقوله : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) [فصلت : ٤٦].
وقوله : (فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ) أي : ليس عليّ إلا الإنذار ، فأمّا غير ذلك فذلك عليكم ؛ كقوله : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ) [النور : ٥٤] ، وقوله : (ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ) [الأنعام : ٥٢].
وقوله : (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ) : هذا يحتمل وجهين :
أحدهما : سيريهم آيات وحدانيته وربوبيته ، وآيات رسالته.
وقوله : (فَتَعْرِفُونَها) أي : بالآيات ما ذكر ؛ كقوله : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ) [فصلت : ٥٣].
والثاني : سيريهم ما وعد لهم من النصر والمعونة ليعرفوه عيانا على ما عرفوه خبرا.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) : قال بعضهم : هذا الحرف توبيخ للظالم وتعيير وزجر ، وتعزية للمظلوم وتسل له.
وقال بعضهم : هذا الحرف ترغيب وترهيب.
قال القتبي : قوله : (رَدِفَ لَكُمْ) [النمل : ٧٢] أي : تبعكم ، واللام زائدة ؛ كأنه قال : ردفكم ، والله أعلم بالصواب.
* * *