فيه زيادة ، وأصله ما ذكرنا ، والله أعلم.
وقوله : (آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) أي : آتيناه العلم الذي يحكم به بين الناس ، وعلما بمصالح نفسه ومصالح الخلق.
وقال بعض أهل التأويل (١) : الحكم : الفقه والعقل والعلم قبل النبوة.
وقوله : (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) : يحتمل قوله : (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) في الآخرة بالوعد الذي وعد لهم في الدنيا ؛ كما جزي موسى بإنجاز ما وعد له ، أو أن يكون من موسى إحسان وجهد في طلب العلم وغير ذلك مما أعطاه ذلك ، وأخبر أنه كذلك يجزي من ذكر ؛ كقوله : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) [العنكبوت : ٦٩] ، وقوله : (وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) [القصص : ١٣] كان وعده إياها أن يرده إليها ويجعله من المرسلين ، ومعناه ما ذكر فيما تقدم.
قال الكسائي : يقال : امرأة مرضع : ما دامت ترضع ، فإذا فطمت سميت : مرضعة ، وما دامت حبلى فهي مرضعة ، أي : سترضع.
وقوله : (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها) : قال عامة أهل التأويل (٢) : على حين غفلة أهل المدينة وهو عند الظهيرة ، وذلك وقت القائلة.
وقال قائلون : على حين غفلة أهل البلد عن دخول موسى ، أي : دخلها من غير أن شعروا به وعرفوا أنه موسى ؛ على هذا التأويل الغفلة تكون على دخول موسى عليهم.
وعلى الأول على غفلة أهل المدينة ، أي : وقت غفلتهم.
فإن كان على هذا فيحتمل أن يكون غفلة أهلها : هو أن كان ذلك يوم عيدهم خرجوا إليه ، فدخل هو المدينة ليطلع أحوالها وأسبابها ، إلا أن تكون العادة فيهم بأجمعهم يقيلون فذلك محتمل ، والله أعلم.
وقوله : (فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ) : قال بعض أهل الأدب : إن قوله : (هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ) إنما يقال للشاهد المشار إليه ، فأما الغائب فإنه لا يقال ، لكن قالوا : إن فيه إضمارا أو لطفا ؛ كأنه قال : فوجد فيها رجلين يقتتلان من نظر إليهما يقول : هذا من شيعته وهذا من عدوه.
ثم قال أهل التأويل (٣) : أحدهما كان إسرائيليّا والآخر قبطيّا.
__________________
(١) قاله مجاهد أخرجه ابن جرير (٢٧٢٤٩) ، والفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم ، كما في الدر المنثور (٥ / ٢٣١).
(٢) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٧٢٥٥) ، وعن قتادة (٢٧٢٥٦) ، والسدي (٢٧٢٥٧) ، وانظر : الدر المنثور (٥ / ٢٣١).
(٣) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن أبي حاتم ، كما في الدر المنثور (٥ / ٢٣٢).