فُؤادَكَ) : (١)
أي : بمثل الذي نثبت به فؤادك.
ثم يحتمل قوله : (لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ) وجهين :
أحدهما : أنزلناه متفرقا لنثبته في فؤادك تحفظه وتذكره ؛ لأن حفظ الشيء إذا كان سماعه بالتفاريق كان حفظه أهون ، وأيسر من حفظه إذا سمع جملة واحدة ، وخاصة إذا كان الكلام من أجناس وأنواع.
والثاني : (لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ) أي : لنثبت بما في القرآن من الحكمة والمعاني فؤادك.
ثم يحتمل قوله : (فُؤادَكَ) أنه يراد به : فؤاد من يسمع إليه ويسمعه ، فإن كان هذا فهو كقوله : (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ ...) الآية [الإسراء : ١٠٦] ، على ما ذكرنا أنه يكون أسرع حفظا وأهون ثباتا من سماعه جملة.
وجائز أن يكون أراد فؤاده ؛ كقوله : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ. إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) [القيامة : ١٦ ، ١٧] ، وقوله : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى. إِلَّا ما شاءَ اللهُ) [الأعلى : ٦] كان يعجل بحفظه إذا قرئ عليه ؛ خوفا أن يذهب ، فأخبره أن يثبت فؤاده وينزله بالتفاريق ؛ لكي يحفظه ويذكره.
ثم إن كان المراد تثبيته في الفؤاد : هو ما فيه من الحكمة والمعاني وقراءته على الناس على مكث كذلك فهو ـ والله أعلم ـ ينزله على قدر النوازل والحوائج ؛ ليكونوا أحفظ لتلك المعاني وأعرف بمواضعها ، وتقدير غيرها من النوازل بها من أن نزل جملة في دفعة واحدة ، والله أعلم.
وقوله : (وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ) أي : بصفة يشبهون بها على الخلق إلا جئناك بصفة هي أحق مما أتوا بها هم ، فترفع تلك الشبهة عنهم ، أعني : عن الخلق.
أو أن يقال : ولا يأتونك بصفة هي باطل إلا جئناك بحق ـ أي : بصفة هي حق ـ فتبطل تلك وتضمحل.
(وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً) أي : بيانا من الأول ؛ على التأويل الأول ، وعلى التأويل الثاني ظاهر لا شك أنه أحسن وأحق.
قال أبو عوسجة : (وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) أي : أنزلنا بعضه بعد بعض ، وعلى أثر بعض ، لم ننزله في مرة واحدة ؛ وكذلك قال في قوله : (وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً).
__________________
(١) ثبت في حاشية أ : (وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) ثم قوله : لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ ، يحتمل وجهين : أحدهما : أي أنزلناه. شرح.