والسمع يجوز أن يعبّر به عن الإجابة ؛ كقوله : «سمع الله لمن حمده» ؛ أي : أجاب الله لمن دعاه.
أو أن يكون قوله : (لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) أي : يعقلون ، ويجوز العبارة [به] عنه ؛ كقوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) أي : يعقلون ، ويقال : (لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) المواعظ فيقبلونها فينتفعون بها.
وقوله : (وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً).
قيل فيه بوجهين :
أحدهما : يريكم البرق للخوف والطمع : تخافون سلطانه وقدرته أن يصيبكم ذلك البرق فيذهب بأبصاركم ، وطمعا ترجون رحمته بصرفه عنكم.
والثاني : (خَوْفاً وَطَمَعاً) أي : يريكم البرق فتخافون وتطمعون ؛ يخاف المسافر قطع مسيره ومنعه عنه ، وتطمعون ، أي : يطمع المقيم رحمته ما يكثر به أنزاله ومعاشه.
والثاني : تخافون الصواعق ، وتطمعون المطر ، وهو ما ذكرنا ، والله أعلم.
وقوله : (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) هو ظاهر ، قد ذكرناه (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) يحتمل ما ذكرنا (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) : ينتفعون بعقولهم ، أو (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) لو تدبروا وتفكروا ، والله أعلم.
وقوله : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ) : هو ما ذكرنا أنه قامتا على شيء غير موهوم ذلك في أوهام الخلق قيام شيء من أفعالهم على مثله ، وهو الهواء والماء والريح ، فكيف حملهم خروج شيء من أوهامهم على إنكاره وتكذيبه ، وهو البعث والإحياء بعد الموت ، فمن قدر على أحدهما قدر على الآخر.
وقوله : (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) اختلف فيه :
قال بعضهم (١) : هو على التقديم [والتأخير] ، أي : ثم إذا دعاكم دعوة إذا أنتم تخرجون من الأرض ، والدعوة هو النفخة الآخرة.
وقال بعضهم : هو ما ذكر : الدعوة تكون من الأرض من صخرة بيت المقدس ، من هنالك يسمعون الدّعوة.
ثم اختلف في الدعوة ، والصيحة ، والنفخة ، والصور ، ونحو ما ذكر :
فمنهم من يقول : على حقيقة الدعوة ، والصيحة ، والنفخة ، والصور ، على ما ذكر.
__________________
(١) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير (٢٧٩٣٣) وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٢٩٧) ، وانظر : تفسير البغوي (٣ / ٤٨١).