يكن في تكلف معرفة القبيح ليعرفه قبيحا على ما هو حقيقة ـ عيب ، هذا إذا كان التأويل على ما يذهبون هم إليه. فأما إذا كان ما ذكرنا في قوله : (أَحْسَنَ) ، أي : علم أو أعلم ، فليس يدخل في ذلك شيء مما ذكروا ، والله أعلم.
وقوله : (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ).
قال عامتهم (١) : يعني : آدم.
وقوله : (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ).
أي : نسل آدم.
[(نَسْلَهُ) : أي : ولده.
وقال : السلالة : الخالص من كل شيء](٢).
(ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ).
أي : آدم.
وقال بعضهم : لا ؛ ولكن ذلك نعت ولده وذريته ؛ لأن الأعجوبة في خلق ولده في الأرحام في ثلاث ظلمات من النطفة إن لم تكن أكثر من خلق آدم من طين لا تكون أقل ؛ لأن صنع الأشياء الظاهرة البادية وتسويتها في الشاهد أيسر وأدون من صنعها وتسويتها إذا كانت غائبة مستكنة.
وظاهره : أن يكون قوله : (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ) : آدم ، (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) : ذريته ؛ لأن النسل هو الولد والذرية.
وقوله : (مِنْ سُلالَةٍ) : قال بعضهم : السلالة : هو الصفوة من الماء ، والخالص من كل شيء.
وقال بعضهم : السلالة : هي من السل : سل السيف ، أي : أخرجه ونزعه ؛ فعلى ذلك قوله : (مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ) ، أي : استخرج من الظهر وسل منه ونزع.
والمهين : هو الضعيف ؛ يقال منه : مهن يمهن مهانة ، فهو مهين ، وهو قول أبي عوسجة والقتبي.
وقوله : (ثُمَّ سَوَّاهُ).
أي : جمعه وقومه وركب بعضه ببعض.
(وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ).
__________________
(١) انظر : تفسير ابن جرير (١٠ / ٢٣٤) ، والبغوي (٣ / ٤٩٨).
(٢) ما بين المعقوفين جاء في أ : قبل : وقوله : (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ....).