اللغة.
وقوله : (وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً).
هذا يحتمل وجهين :
أحدهما : أي : عذابهن على الله يسيرا هينا لا يثقل عليه ولا يشتد لمكان رسول الله ؛ بل على الله يسير هين.
والثاني : أن إتيانكن الفاحشة ومعصيتكن على الله يسير ، أي : لا يلحقه ضرر ولا تبعة ، ليس كمعصية خواص الملك له في الدنيا : يلحقه الضرر والذل إذا عصوه وأعرضوا عنه ، فأمّا الله ـ سبحانه ـ عزيز بذاته غني لا يضره عصيان عبده ؛ بل ضرّوا أنفسهم.
وقوله : (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) ، أي : من يطع منكن لله ورسوله ، (وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ).
في الآية دلالة بيان فضيلة أزواج رسول الله ؛ لمكان رسول الله وعظيم قدره ، حيث خاطبهن من بين غيرهن من النساء كما خاطب مريم بقوله : (يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) [آل عمران : ٤٣].
ثم يحتج الشافعي بقوله : (نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ) لتأويله في قوله : الطلاق مرتان بقوله ، يقول : قوله : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) [البقرة : ٢٢٩] أي : تطليقتان في دفعة واحدة من غير إحداث التطليق والفعل فيما بينهما ؛ ويستدل على ذلك بقوله : (نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ) ، أي : أجرين من غير إحداث فعل فيما بينهما ولكن بفعل واحد ، وقوله : (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) [الحديد : ٢٨] ، أي : أجرين.
لكن عندنا يجوز الإيتاء بمعنى الإيجاب ، أي : يوجب لها الأجر مرتين ؛ نحو قوله : (فَآتاهُمُ اللهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ) [آل عمران : ١٤٨] ، أي : أوجب لهم ثواب الدنيا وثواب الآخرة ؛ فعلى ذلك ما ذكر ونحوه كثير ، والله أعلم.
وقوله : (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ).
قال بعض أهل الأدب : (أحد) أجمع في الكلام من (واحد) ؛ لأنه يرجع إلى واحد وإلى جماعة ، وقوله : (واحد) إنما يرجع إلى الفرد خاصّة ، وإنما يخاطب به الواحد.
وقوله : (إِنِ اتَّقَيْتُنَ).
يحتمل قوله : (إِنِ اتَّقَيْتُنَ) اختيار الدنيا وزينتها ، واتقيتن أيضا نقض اختيار رسول الله والدار الآخرة.
وجائز أن يكون على الابتداء : إن اتقيتن مخالفة الله ومخالفة رسوله.