العترة بأهل البيت ، ونحو ذلك من الوجوه.
وأما عندنا فهي غير مقطوعة من الأولى : إما أن يكون على الاشتراك بينهن وبين من ذكروا من أولاده ؛ إذ اسم أهل البيت مما يجمع ذلك كله في العرف.
أو تكون الآية لهن على الانفراد ، فأمّا أن يخرج أزواجه عن أهل بيته والبيت يجمعهم ، فلا يحتمل ذلك.
وأما قولهم : إنه ذكر هذه الآية بالتذكير والأولى بالتأنيث فعند الاختلاط كذلك يذكر باسم التذكير.
وأمّا قولهم : إن وعده لهم منه خرج مطلقا غير مقيد ، فكذلك كن أزواج رسول الله لم يأت منهن ما يجوز أن ينسبن إلى الرجس والقذر إلا فيما غلبن على رأيهن وتدبيرهن بالحيل ، فأخرجن فيما أخرجن.
وأما قولهم في الثقلين اللذين تركهما فينا بعده : الكتاب والعترة ، فعترته : سنته ؛ على ما قيل ، وقوله : «أهل بيتي» كأنه قال : تركت الثقلين كتاب الله وسنتي بأهل بيتي ، وذلك جائز في اللغة.
وأما ما روي عن أم سلمة فإنه في الخبر بيان على أن أزواجه دخلن حيث قالت له أم سلمة : ألست من أهل البيت؟ قال : «بلى إن شاء الله» (١).
وفي هذه الآية دلالة نقض قول المعتزلة من وجوه :
أحدها : ما يقولون : إن الله قد أراد أن يطهر الخلق كلهم : الكافر والمسلم ، وأراد أن يذهب الرجس عنهم جميعا ، لكن الكافر حيث أراد ألا يطهر نفسه ولا يذهب عنه الرجس لم يطهر ، فلو كان على ما يقولون لم يكن لتخصيص هؤلاء بالتطهر ودفع الرجس عنهم فائدة ولا منة ـ دل أنما يطهر من علم منه اختيار الطهارة وترك الرجس ، وأما من علم منه اختيار الرجس فلا يحتمل أن يذهب عنه الرجس ، أو يريد منه غير ما يعلم أنه يختار ، وأن التطهير لمن يكون إنما يكون بالله ، لا بما تقوله المعتزلة ؛ حيث قال : (وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ؛ إذ على قولهم لا يملك هو تطهير من أراد تطهيره ؛ إذ لم يبق عنده ما يطهرهم ، فذلك كله ينقض عليهم أقوالهم ومذهبهم.
__________________
ـ فعليّ وليه» ، من طريق أبي الطفيل عن زيد بن أرقم ، قال : لما رجع رسول الله صلىاللهعليهوسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن ، ثم قال : «كأني قد دعيت فأجبت ، إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض ...» الحديث.
(١) تقدم.