غيره ، فدل ذلك أنهن لا يملكن شيئا من ذلك ، فيجوز أن يستدل بظاهر هذه الآية في إيجاب الزكاة في الحلي ، وكذلك روي عن ابن عباس ، رضي الله عنه.
وقوله : (وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ) أمرهن بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والطاعة لله ورسوله ؛ لئلا يغتررن بما اخترن المقام مع رسول الله وإيثارهن إياه على أن ذلك كاف لهن في الآخرة ، ولا شيء عليهن سوى ذلك من العبادات ؛ بل أخبر أنكنّ وإن اخترتن المقام معه وآثرتن إياه على الدنيا وزينتها لا يغنيكن ذلك عما ذكر ، والله أعلم.
وقوله : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قال بعضهم : إن هذه الآية مقطوعة عن الأولى ؛ لأن الأولى في أزواج رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهذه في أهل بيته ، وهو قول الروافض ، ويستدلون بقطعها عن الأولى بوجوه :
أحدها : ما روي عن أم سلمة زوج النبي صلىاللهعليهوسلم أنها قالت : عنى بذلك عليّا وفاطمة والحسن والحسين ، وقالت : لما نزلت هذه الآية ، أخذ النبي ثوبا ، فجعله على هؤلاء ، ثم تلا الآية : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ) فقالت أم سلمة من جانب البيت : يا رسول الله ، [ألست] من أهل البيت؟ قال : «بلى إن شاء الله» (١).
وعن الحسن بن علي أنه خطب الناس بالكوفة وهو يقول : يا أهل الكوفة ، اتقوا الله فينا فإنا أمراؤكم ، وإنا ضيفانكم ، ونحن أهل البيت الذي قال الله ـ تعالى ـ : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ)(٢).
ويقولون ـ أيضا ـ : إن الآية الأولى ذكرها بالتأنيث حيث قال : (وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ) وهذه ذكرها بالتذكير دل أنها مقطوعة عن الأولى.
ويقولون ـ أيضا ـ : إنه وعد أن يذهب عنهم الرجس ويطهرهم تطهيرا وعدا مطلقا غير مقيد ، وذلك الرجس الذي ذكر مما يحتمل أزواجه ممكن ذلك فيهن غير ممكن في أهل بيته ومن ذكره.
ويقولون ـ أيضا ـ ما روي عنه أنه قال : «تركت فيكم بعدي الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما ليردان بكم الحوض» (٣) أو كلام نحو هذا ، ففسر
__________________
(١) أخرجه الترمذي (٥ / ٢٦٢) في التفسير : باب «ومن سورة الأحزاب» (٣٢٠٥) ، وابن جرير (٢٨٤٩٩) ، وابن المنذر ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في سننه من طرق عن أم سلمة كما في الدر المنثور (٥ / ٣٧٧).
(٢) ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٩ / ١٨١) وقال : رواه الطبراني ورجاله ثقات.
(٣) أخرجه أحمد (١ / ١١٨) والنسائي في الكبرى (٥ / ١٣٠) ، كتاب الخصائص : باب «من كنت وليه ـ