حال ، ليس من وقت ولا من حال إلا ولله على عباده شكر أو صبر : الشكر على نعمائه ، والصبر على مصائبه.
وقال بعضهم : الأمر بالذكر له بالبكرة والأصيل هي الصلوات الخمس : من الظهر إلى آخر الليل أصيل ؛ فيدخل فيه صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، وفي البكرة صلاة الفجر.
وقوله : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ).
أما صلاة الله : هي الرحمة والمغفرة ، وصلاة الملائكة : الاستغفار وطلب العصمة والنجاة ؛ كقوله : (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً ...) الآية [غافر : ٧] ، وقوله : (رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ ...) الآية [غافر : ٨] ، وقوله : (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) [الشورى : ٥] جائز أن يكون المؤمنين خاصة.
وجائز أن يكون الكل : الكافر أو المؤمن ؛ فإن كان هذا فيكون استغفارهم طلب الأسباب التي بها يستوجبون المغفرة ، وهو الهدى ؛ كقول هود : (وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) [هود : ٥٢] ، وقول نوح : (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) [نوح : ١٠] لا يحتمل أن يستغفروا وهم كفار ؛ ولكن يطلبون منه التوبة عن الكفر ؛ ليستوجبوا المغفرة ؛ وكذلك استغفار إبراهيم لأبيه لا يحتمل أن يستغفر له وهو كافر ؛ ولكن كان يطلب له من الله أن يجعله بحيث يستوجب المغفرة والرحمة ، وهو الهدى ، والله أعلم.
وقوله : (لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ).
قال بعضهم : رحمهم ؛ حيث أخرجهم من أصلاب آبائهم قرنا فقرنا إلى أن بلغوا ما بلغوا. وجائز إخراجه إياهم من ظلمات الكفر إلى نور الهدى بدعاء الملائكة واستغفارهم لهم.
(وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً).
لم يزل الله بالمؤمنين رحيما.
وقوله : (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ).
جائز أن يكون تحية الملائكة عليهم : سلام ؛ كقوله : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ) [الرعد : ٢٤].
أو تحية بعضهم على بعض : سلام لا غير ، ليس كتحيتهم في الدنيا : أطال الله بقاءك ؛ وكيف حالك؟ ونحو ما يقولون في الدنيا ، ويسأل بعضهم بعضا عن أحوالهم ، يقول : ليس تحية أهل الجنة ذاك ؛ ولكن : سلام ؛ كقوله : (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً. إِلَّا قِيلاً سَلاماً