عليه.
(وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً. خالِدِينَ فِيها أَبَداً).
قوله : (خالِدِينَ فِيها أَبَداً) ينقض على الجهمية قولهم ، وعلى أبي الهذيل العلاف.
أما على الجهمية ؛ لأنهم يزعمون أن الجنة والنار تفنيان ولهما النهاية ، وقالوا : لأنا لو لم نجعل لهما النهاية والغاية ، لخرجتا عن علم الله ؛ لأن الشيء الغير المتناهي خارج عن علمه ؛ لكن هذا بعيد ، جهل منهم بربهم ؛ لأن علمه بالشيء الغير المتناهي : أنه غير متناه ، وعلمه بالمتناهي : أنه متناه ، ولا يجوز أن يخرج شيء عن علمه متناهيا كان أو غير متناه ، وبالله العصمة.
وأمّا العلاف ؛ فلأنه يقول : إن أهل الجنة وأهل النار يصيرون بحال في وقت ما حتى إذا أراد الله أن يزيد لأحد منهم لذة أو نعمة أو عذابا ـ لم يملك عليه ، أو كلام نحو هذا ؛ فنعوذ بالله من السرف في القول على الله.
وقوله : (لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً).
مما طمعوا في الدنيا ورجوا من كثرة الأسباب والحواشي ، أو عبادة الأصنام وغيرها أن ينفعهم ذلك وينصرهم في الآخرة ؛ بل ضل عنهم ذلك وحرموا ؛ على ما أخبر : (وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) [الأعراف : ٥٣] ، والله أعلم.
وقوله : (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ).
وقال في آية أخرى : (الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ) [الفرقان : ٣٤] ، وأصله ما ذكر في قوله : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [الملك : ٢٢] : يفعل بهم في الآخرة على ما كانوا في الدنيا.
وقوله : (يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا).
لا يزال الكفرة قائلين لهذا القول مترددين له في الآخرة ؛ لما رأوا من العذاب حين حل بهم (يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) : الرسول المطلق : رسول الله والسبيل المطلق : هو دين الله ، هو المعروف في القرآن.
وقوله : (وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا).
قال بعضهم السادة : الملوك ، والكبراء : العلماء.
وجائز أن يكون السادة : القادة ، والكبراء : دونهم.
و (الرَّسُولَا) و (السَّبِيلَا) : أثبتوا الألف فيه عند الوقف ، وأما عند الوصل فلا ؛ وذلك أن من عادة العرب ألا تقف على الحركة ؛ ولكن تزيد لها ألفا إذا كانت فتحة ، وإذا