الكسرة علامة لها أو كلام يشبه هذا.
قال أبو عوسجة : نكيري : عقوبتي.
وقال القتبي (١) : أي : إنكاري.
وقوله : (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ).
قال بعضهم (٢) : (بِواحِدَةٍ) أي : بكلمة الإخلاص والتوحيد.
وقال بعضهم (٣) : أي : بطاعة الله.
وقال بعضهم : (بِواحِدَةٍ) أي : بكلمة واحدة ؛ كقول الرجل لصاحبه : أكلمك كلمة واحدة ، واسمع مني كلمة.
لكن الواحدة التي وعظهم بها عندنا ما ذكر على أثره حيث قال : (أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى) جميعا (وَفُرادى) وتتفكروا وتنظروا فيما بينكم : هل رأى أحد منكم به جنونا قط؟
وقال بعضهم : يريد بالمثنى : أن يتناظر الرجلان في أمر النبي (وَفُرادى) ، أي : تفكير واحد.
وقال بعضهم : يريد بالمثنى : أن يتناظر الرجلان في أمر النبي ؛ فإن ذلك ما دل على أن النبي ليس بمجنون ، ولا كذاب على ما تزعمون.
ثم كان الذي حملهم على أن نسبوه إلى الجنون وجوها :
أحدها : أنهم رأوه قد خالف الفراعنة والجبابرة الذين كانوا يقتلون من خالفهم على الغضب في أدنى شيء بلا أعوان ولا أتباع له ، فقالوا : لا يخاطر بهذا إلا من به جنون ؛ فنسبوه إلى الجنون.
والثاني : أنهم رأوه قد خالف دينهم ودين آبائهم جملة من بينهم ، فقالوا : لا يحتمل أن يصيب دينا بعقله من بين الكل لا يصيب أحد ذلك ، فاتهموه في العقل.
والثالث : أنه كان في حال صغره وصباه ، لم يروه اشتغل بشيء من اللعب وخالط الصبيان في شيء من أمورهم ، بل اعتزلهم من حال صباه إلى آن الوقت الذي بلغ ، فقالوا : إن به جنونا وإلا لم يعتزل الناس كل هذا الاعتزال.
ثم أخبر أنكم لو تفكرتم ونظرتم ثم عرفتم أن ليس بصاحبكم جنون : (إِنْ هُوَ) أي :
__________________
(١) انظر : تفسير غريب القرآن (٣٥٨).
(٢) قال مجاهد : بلا إله إلا الله. أخرجه الفريابي ، وعبد بن حميد عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٤٥٠) ، وهو قول ابن جريج أيضا.
(٣) قاله مجاهد أخرجه الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير (٢٨٨٨١) ، وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٤٥٠).