وقال القتبي (١) : (فاكِهُونَ) : يتفكهون ، ويقال للمزاح : فكاهة ، وفاكهون : أراد ذوي فكاهة.
وقال أبو عوسجة : (فاكِهُونَ) : من المفاكهة ، وفكهون من السرور ، والمفاكهة : الممازحة.
ثم قال بعضهم : شغلهم في افتضاض العذارى ، وقيل : شغلهم في كل نعيم وفي كل كرامة على ما ذكر ، والله أعلم.
وقوله : (هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ).
يخبر أن أهل الجنة وإن كانوا لا يحجبون عن شيء ، ولا يمنعون شيئا ، فإنهم إذا كانوا مع أزواجهم لا يقع عليهم بصر غيرهم فينتقض ذلك ، وهو كما ذكر : (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) [الرحمن : ٧٢] يخبر أنهم إذا كانوا مع أزواجهم لا يطلع عليهم غيرهم ، والله أعلم.
و (ظِلالٍ) جمع ظلة.
وقوله : (عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ).
الاتكاء على الأرائك إنما هو للراحة ، فيخبر ـ والله أعلم ـ عن غاية راحتهم ونهاية كرامتهم ، وإلا ليس في الاتكاء على الأرائك فضل كرامة ومنزلة ، ولكن يذكر عن راحتهم وتنعمهم ؛ كقوله : (لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً) [الكهف : ١٠٨].
وقال القتبي (٢) : (الْأَرائِكِ) : السرر في الحجال ، واحدها : أريكة.
وقال أبو عوسجة : (الْأَرائِكِ) : الوسائد.
وعن الحسن قال : الأريكة : الحجلة (٣) ، وهي بلغة أهل اليمن يسمون الحجلة : أريكة.
(لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ).
قيل : الفاكهة هي التي تؤكل على الشهوة لا على الحاجة ، يخبر ـ والله أعلم ـ أن أهل الجنة إنما يأكلون ما يأكلون على الشهوة لا على الحاجة.
وقوله : (وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ).
قيل (٤) : ما يتمنون ، وقيل : ما يسألون.
وجائز أن يكون (يَدَّعُونَ) من الدعوى ، أي : يعطون جميع ما يدعون لأنفسهم ليس
__________________
(١) انظر : تفسير غريب القرآن ص (٣٦٦).
(٢) انظر : تفسير غريب القرآن ص (٣٦٦).
(٣) أخرجه ابن جرير (٢٩٢٠٤) وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم.
(٤) انظر تفسير ابن جرير (١٠ / ٤٥٥) ، والبغوي (٤ / ١٦).