وقوله : (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ).
قوله : (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ) أي : يوم القضاء والحكم ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [السجدة : ٢٥] أي : يقضي بينهم (فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) ، والله أعلم.
ويحتمل قوله : (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ) أي : يفصل ويفرق بينهم ، أي : بين الكفار وأهل الإيمان ، وبين الخبيث والطيب ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً ...) الآية [الأنفال : ٣٨] ، وقوله : (وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) [يس : ٥٩] ، وقوله : (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) [الشورى : ٧] ، والله أعلم.
وقوله : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ).
فالزوج : هو اسم لشكله واسم لضده اسم لهما جميعا. يحتمل قوله : (وَأَزْواجَهُمْ) أي : أشكالهم وقرناؤهم من الجن والإنس والشياطين ، يأمر الملائكة أن تجمع بين من كانوا يجتمعون في هذه الدنيا ويستحبون الاجتماع معهم أن يجمعوا في عذاب الآخرة ، على ما كانوا يستحبون الاجتماع في الملاهي والطرب في هذه الدنيا ويجتمعون على ذلك ؛ فعلى ذلك يجمع بين أولئك وبين قرنائهم جهنم ، ويقرن بعضهم إلى بعض في العذاب ؛ كقوله : (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) [الزخرف : ٣٦] ؛ وكقوله : (وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ. فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) [غافر : ٧١ ، ٧٢] ونحوه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) ، كقوله : (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً) [الزمر : ٧١] ونحوه ، والله أعلم.
وقال قتادة وغيره : (هذا يَوْمُ الدِّينِ) ، أي : يدان لبعض الناس من بعض في المظالم والحقوق.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ).
يحتمل الوقف للحساب.
ويحتمل (مَسْؤُلُونَ) أي : محاسبون.
وعن ابن عباس قال : «إن دون الحساب يوم القيامة كذا كذا موقفا ، في كل موقف يوقفون مقدار كذا عاما ، ثم تلا هذه الآية».
ويحتمل [ليس] السؤال عما فعلوا ، ولكن يسألون لما ذا فعلوا؟
ويحتمل الوقوف فتنوا إلى بعضهم بعضا ، والمخاصمة فيما بينهم والمراجعة ؛ كقوله : (وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ ...) [الأعراف : ٣٩] كذا ، و (قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ ...)