الشجر ، فكيف يكون فيها شجر؟! إنكارا لها وتكذيبا بها.
والثاني : ما ذكر بعضهم : أن الزقوم هو الزبد والتمر ، صار ذلك فتنة لهم ؛ لما ذكرنا وسببا لعذابهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها).
أي : من الشجرة الزقوم ، ذكر أنها تخرج من أصل الجحيم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ).
جائز أن يشدد الله عليهم الجوع حتى يأكلوا منها فيملئون بطونهم منها ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ) [الواقعة : ٥٥] وهي الإبل التي تملأ بطونها من المسايم ، لا يغني ذلك الشرب وهو الحميم ، ولا يدفع عنهم العطش الذي يكون بهم ؛ فعلى ذلك ما جعل طعامهم من تلك الشجرة ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ. طَعامُ الْأَثِيمِ ...) الآية [الدخان : ٤٣ ، ٤٤] ، إنهم وإن ملئوا بطونهم فإن ذلك لا يدفع عنهم الجوع ؛ كقوله : (لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ) [الغاشية : ٧] ، والله أعلم.
(ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها).
وفي حرف عبد الله بن مسعود (١) ـ رضي الله عنه ـ : ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ).
أي : ثم إن لهم على تلك الشجرة التي جعل طعامهم منها خلطا من حميم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ).
أي : ثم إن مردهم ، أي : ثم إنهم يردون إلى الجحيم لا أنهم يرجعون بأنفسهم ، ولكن يردون فيها ؛ كقوله : (ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ) [الزمر : ٧٢] هم لا يدخلون فيها ولكن يدفعون فيها ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) [الطور : ١٣] ، والجحيم : هو معظم النار على ما ذكرنا ، يقال : نار جاحمة ، أي : عظيمة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ).
أي : وجدوا آباءهم ضالين.
(فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ).
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٢٩٤٠٨) عن السدي في حكاية قراءة ابن مسعود فقال : «منقلبهم» بدل «مقيلهم» ، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٥ / ٥٢٣) وزاد نسبته لابن أبي حاتم ، وذكر له طريقا آخر عن ابن جريج رواه أبو عبيد وابن المنذر عنه.