والجحيم : قيل : هو معظم النار وغلظها ، يقال : أجحمت النار ، أي : أعظمتها ، يقال : نار جحيمة ، أي : عظيمة.
وقوله : (طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ).
اختلف فيه :
قال بعضهم (١) : إن نوعا من الحيّات يسمين : شياطين ، لها رءوس سود قباح ، لها عرف كعرف الفرس ، و [شبه] طلع تلك الشجرة وثمرتها لقبحها وسوادها برءوس من تلك الحيات ، والله أعلم.
وقال بعضهم (٢) : هو نوع من النبات بالبادية يستقبحه الناس أشد الاستقباح ، شبه طلع تلك الشجرة وثمرتها بذلك النبات.
وقال بعضهم : إن جبالا بمكة سود قباح يستقبحها أهل مكة سموها : شياطين ، شبه ثمار تلك الشجرة وطلعها برءوس تلك الجبال ، والله أعلم.
وقال بعضهم (٣) : لا ولكن حقيقة رءوس الشياطين ؛ لأن الله ـ عزوجل ـ جعل للشياطين في قلوب أولئك الكفرة فضل بغض وقبح والنفار منها وإن لم يروها ولم يعاينوها ، فشبه طلع تلك الشجرة برءوس الشياطين ؛ لفضل إنكارهم وبغضهم إياها حقيقة ، وفي ذلك آية عظيمة لرسالته صلىاللهعليهوسلم ؛ لأنهم لم يروا الشياطين ببصرهم ولا عرفوهم معاينة ، وإنما عرفوهم بأخبار الرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ وبها استنكروها واستقبحوها وهم قوم لا يؤمنون بالرسل ـ عليهمالسلام ـ فإذا قبلوا أخبار رسل الله فيهم ، لزمهم أن يقبلوا قولهم في الرسالة وفي جميع ما أخبروا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ) :
يحتمل قوله : (فِتْنَةً) ، يعني به : الشجرة التي أنشئت من أصل الجحيم ، وهي شجرة الزقوم [جعلها] عذابا للظالمين ، يعني به : الشجرة ؛ كقوله : (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ) [الذاريات : ١٣] أي : يعذبون ، (ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ) أي : عذابكم ، (هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ) [الذاريات : ١٤].
ويحتمل قوله : (جَعَلْناها) ، أي : تلك الشجرة : الزقوم ، (فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ) في الدنيا وجهة القصة بها لهم : هو إنكارهم إياها من الجهة التي ذكروا : أن النار تحرق وتأكل
__________________
(١) قاله قتادة أخرجه عبد بن حميد وابن جرير (٢٩٣٩٨) وابن أبي حاتم عنه كما في الدر المنثور (٥ / ٥٢٢).
(٢) قاله البغوي في تفسيره (٤ / ٢٩).
(٣) قاله ابن عباس كما في تفسير البغوي (٤ / ٢٩).