(١٣١) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ)(١٣٢)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ).
هذا ينقض على الباطنية مذهبهم ؛ لأنهم يقولون : إن الرسل ـ عليهمالسلام ـ ستة : آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد ـ صلوات الله عليهم ـ وما سواهم أئمة ، وفي الآية إخبار أن إلياس كان من المرسلين ، هذا كله ينقض قولهم ويرد مذهبهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ) ، عبادة غير الله.
أو يقول : (أَلا تَتَّقُونَ) : ألا تخشون ولا تخافونه في ترككم عبادته واشتغالكم بعبادة غيره.
أو (أَلا تَتَّقُونَ) نقمة الله في مخالفتكم أمره ونهيه ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ).
قال بعض أهل التأويل (١) : البعل هاهنا الرب بلسان قومه ، وذكر عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : «أنه سئل عن قوله ـ عزوجل ـ : (أَتَدْعُونَ بَعْلاً) قال : فقال رجل : من يعرف الآثار ، فقال أعرابي : بعلها ، أي : ربها ، فقال ابن عباس : كفاني الأعرابي جوابها» (٢).
لكن لا يحتمل أن يكون المراد من قوله : (أَتَدْعُونَ بَعْلاً) أي : ربا ، إلا أن يكون ذكر أنه بلسان قومه ، في قول : (أَتَدْعُونَ بَعْلاً) : ربا تعلمون أنه لا يضر ولا ينفع ، وتذرون عبادة من تعلمون أنه يضر وينفع ، أو تختارون عبادة من تعلمون أنه لا يملك الضر ولا النفع على عبادة من تعلمون أنه يملك ذلك.
وقال بعضهم (٣) : البعل : السيد هاهنا ، وكذلك يقول في قوله : (وَهذا بَعْلِي شَيْخاً) [هود : ٧٢] أي : سيدي. وقال بعضهم : البعل : هو اسم الصنم هاهنا ، يقول : أتعبدون صنما وتذرون أحسن الخالقين ، وأصل البعل : الزوج ، كأنه يقول لهم : أتدعون من له أزواج وأشكال ، وتذرون عبادة من لا زوج له ولا أشكال ، والله الموفق.
وقال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : أول هذه يماني وآخرها مضري وهو قوله :
__________________
(١) قاله عكرمة ومجاهد وقتادة أخرجه ابن جرير (٢٩٥٧١ ، ٢٩٥٧٢ ، ٢٩٥٧٣).
(٢) أخرجه ابن جرير (٢٩٥٧٥) ، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٥ / ٥٣٩) ، من طرق عنه وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) قاله ابن عباس أخرجه عبد بن حميد وابن أبي حاتم كما في الدر المنثور (٥ / ٥٣٨) ، وهو قول الضحاك وابن زيد.