[الأعراف : ١٤٣] أي : مغشيّا عليه ؛ ألا ترى أنه قال ـ عزوجل ـ : (فَلَمَّا أَفاقَ) ، وإنما يفاق من الغشيان ، ولا يفاق من الموت ، والله أعلم بذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) اختلف فيه ؛ قال بعضهم (١) : إنما استثنى الشهادة الذين استشهدوا في الدنيا ، والله أعلم.
وقال بعضهم (٢) : (إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) هو جبرائيل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، وملك الموت ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى) :
قال بعضهم : تكون ثلاث نفخات : نفخة تحملهم على الفزع : (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ...) الآية [النمل : ٨٧] ، ثم الأخرى يموتون بها ، والثالثة يحيون بها ، وعلى هذا يروى حديث عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «ينفخ ثلاث ...» (٣) ذكر كما ذكرنا ، والله أعلم.
وقال بعضهم : نفختان ؛ على ما ذكر في هذه الآية : إحداهما : يموتون ، والثانية : يحيون بها ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها) يحتمل (بِنُورِ) : الذي أنشأه الله ـ عزوجل ـ لها وجعله فيها ، ليس أن يكون لذاته نور أو شيء يضيء ، ويكون قوله ـ عزوجل ـ : (بِنُورِ رَبِّها) كقوله ـ عزوجل ـ : (بِنِعْمَةِ رَبِّكَ) [القلم : ٢] : بإحسان ربك ، وآلاء ربك ، لا يفهم منه سوى النعمة والنشأة والآلاء المجعولة ؛ فعلى ذلك قوله ـ عزوجل ـ : (بِنُورِ رَبِّها) لا يفهم منه نور الذات ولا شيء من ذلك.
ثم قوله ـ عزوجل ـ : (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ) أي : أضاءت ، جائز أن يكون الله ـ عزوجل ـ ينشئ أرض الآخرة أرضا مضيئة مشرقة ؛ لما أخبر أنه يبدل أرضا غير هذه ؛ حيث قال ـ عزوجل ـ : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ ...) الآية [إبراهيم : ٤٨] ، كانت هذه مظلمة ، وتلك مضيئة ، على ما ذكرنا ، والله أعلم.
أو أن يكون إشراقها : ارتفاع سواترها ، وظهور الحق لهم ، وزوال الاشتباه والالتباس ، وكانت أمورهم في الدنيا مشبهة ملتبسة ، ويقرون يومئذ جميعا بالتوحيد له والألوهية
__________________
(١) قاله سعيد بن جبير أخرجه ابن جرير (٣٠٢٣٥) ، وسعيد بن منصور ، وهناد ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر كما في الدر المنثور (٥ / ٦٣٠) ، وهو قول أبي هريرة أيضا.
(٢) قاله السدي أخرجه ابن جرير (٣٠٢٣٢).
(٣) أخرجه ابن جرير (٣٠٢٣٦) ، من حديث أبي هريرة.