والربوبية ، وهو على ما ذكر من قوله ـ عزوجل ـ : (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً) [إبراهيم : ٢١] ، وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ، (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) ، وقوله : (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) [الحج : ٥٦] ، ونحو ذلك ، ذكر البروز له والرجوع إليه والمصير ، وإن كانوا في الأحوال كلها بارزون له ، راجعون إليه ، صائرون ، والملك له في الدارين جميعا ، خصّ البروز والرجوع إليه والملك له ؛ لما يومئذ يظهر المحق لهم من المبطل ، ويومئذ أقروا جميعا بالتوحيد له والملك ؛ فعلى ذلك يحتمل إشراق الأرض وإضاءتها لما ترتفع السواتر يومئذ [و] تزول الشبه ، وتظهر الحقائق ، والله أعلم.
أو أن يكون إشراقها بإظهار لكل ما عمل في الدنيا من خير أو شرّ ، وعرفه يومئذ ، وإن كان في الدنيا لم يظهر ولم يعرف مما عمل من خير وشر ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً ...) الآية [آل عمران : ٣٠] ، والله أعلم.
أو أن تكون أرض الآخرة مضيئة مشرقة لما لا يعصى عليها الرب ـ تعالى عزوجل ـ وأرض الدنيا مظلمة بعصيان أهلها عليها الربّ ـ عزوجل ـ وذلك كما روي في الخبر أن الحجر الأسود [أنزل] من الجنة ككذا ، صار أسود لما مسته أيدي الخاطئين العاصين ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (بِنُورِ رَبِّها) قال بعضهم (١) : بعدل ربها ؛ أي : رضي بعدل ربها ، وهو ما قال ـ عزوجل ـ : (ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِ) [الحجر : ٨٥] ، أي : بالعدل ، والله أعلم.
وجائز ما ذكر بنور أنشأه وجعله فيها ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَوُضِعَ الْكِتابُ) ، وقال ـ عزوجل ـ في آية أخرى : (وَوَضَعَ الْمِيزانَ) [الرحمن : ٧] ، فجائز أن يكون الكتاب الذي ذكر أنه وصفه هو ذلك الميزان ، فيكونان واحدا.
وجائز أن يكون الكتاب غير الميزان.
وقال بعضهم (٢) : الكتاب هو الحساب بما قد حفظ عليهم ولهم من خير أو شر محذور فيه.
وقال بعضهم (٣) : هو الكتاب الذي يوضع في أيديهم يومئذ ، فيه ما عملوا يقرءونه ،
__________________
(١) قاله الحسن والسدي كما في تفسير البغوي (٤ / ٨٨).
(٢) قاله السدي أخرجه ابن جرير (٣٠٢٤٨).
(٣) قاله قتادة أخرجه ابن جرير (٣٠٢٤٧).