وهو مثل الأول ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ) اختلف في الشهداء :
قال بعضهم : الشهداء هم المرسلون ، يؤتى بالنبيين والمرسلين يشهدون عليهم ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) [النساء : ٤١] ، وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ ...) الآية [المزمل : ١٥].
وقال بعضهم (١) : الشهداء ـ هاهنا ـ هم الملائكة والحفظة الذين يشهدون عليهم ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ ...) الآية [النور : ٢٤].
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِ) أي : بالعدل.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) أي : لا يحمل على أحد ما لم يعمل ، ولكن يحمل عليه ما عمل ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ) كافرة (ما عَمِلَتْ) من سوء ، فأما ما عملت من خير فلا ، [و] توفى كل نفس مسلمة ما عملت من خير لا ينقص منها شيء ، وما عملت من سوء جائز أن يتجاوز الله عنها ويبدله حسنات ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) [الفرقان : ٧٠]. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ) ، أي : عالم بما يفعلون من خير أو شر.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً) قيل : أمة أمة ، وجماعة جماعة ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها ...) الآية [الأعراف : ٣٨] ، وقوله ـ عزوجل ـ : (وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ) [آل عمران : ١٢] ونحوه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها) جائز أن يكون لها أبواب يدخلون فيها.
وجائز أن تكون الأبواب المذكورة لا على حقيقة الأبواب ، ولكن على الجهات والسبل التي كانوا فيها ؛ أي : في الدنيا ، وعملوا بها يدخلون النار بتلك الجهات والسبل التي كانوا في الدنيا وعملوا بها ، كما يقال : فتح على فلان باب كذا ، ليس يراد حقيقة الباب ، ولكن سبل بابه ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ) يحتمل قوله ـ عزوجل ـ : (آياتِ رَبِّكُمْ) أي : التوحيد وحججه.
__________________
(١) قاله عطاء كما في تفسير البغوي (٤ / ٨٨).