وقوله ـ عزوجل ـ : (زُمَراً) قد ذكرناه ، أي : جماعة جماعة ، وأمة أمة ، على ما كانوا في هذه الدنيا ، ويجتمعون على ذلك ؛ فعلى ذلك يساقون في الآخرة ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها).
فتح الأبواب لهم يحتمل حقيقة الأبواب ، ويحتمل كناية عن الوجوه والسبل التي يأتونها في الدنيا لا على حقيقة الأبواب ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ).
بدأ الخزنة بالسلام عليهم ، فجائز أن يكون الله ـ عزوجل ـ امتحن الخزنة بالسلام على المؤمنين كما امتحن رسوله ببدئه السلام على من آمن ، وهو قوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ...) الآية [الأنعام : ٥٤].
ثم يحتمل سلام الخزنة عليهم : السلام والبراءة عن جميع العيوب والآفات التي في الدنيا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ).
فقوله : (طِبْتُمْ) أي : صرتم طيبين لا تخبثون أبدا ، وقد برئتم من الآفات والعيوب كلها ، والله أعلم.
أو يقول : طاب العيش أبدا من حيثما يأتيكم بلا عناء.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ).
ولا شك أن الله ـ عزوجل ـ إذا وعد صدق وعده ، لكن معنى قولهم : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ) ، أي : الحمد لله الذي جعلنا مستحقين وعده ؛ إذ وعده لا شك أنه يصدق ، ولا قوة إلا بالله.
وقوله : (وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ) أي : الجنة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ).
يحتمل قوله : (حَيْثُ نَشاءُ) نرغب فيها ، وهم لا يرغبون النزول من منازلهم.
أو أن يكون قوله : (نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ) ، أي : جميع مكان الجنة مختار ليس مما يتخير في الدنيا مكانا دون مكان ؛ لأن جميع أمكنتها ليست بمختارة فيقع فيها الاختيار ، فأما الجنة فجميع أمكنتها مختارة فلا يقع هنالك اختيار مكان على مكان ، والله أعلم. وإلا ظاهر قوله : (نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ) ما لهم وما لغيرهم ، والوجه فيه ما ذكرناه ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) ظاهر.