دخل إدريس قريتكم ومضى إدريس حتى جلس موضع مدينة جبار الأول وهي تل فاجتمع إليه أناس من أهل قريته فقالوا مسنا الجوع والجهد في هذه العشرين سنة فادع الله لنا أن يمطرنا قال إدريس لا حتى يأتيني جباركم وجميع أهل قريتكم مشاة حفاة فبلغ الجبار قوله فبعث إليه أربعين رجلا أن يأتوا بإدريس وعنفوا به فدعا عليهم فماتوا وبلغ الجبار الخبر فبعث إليهم بخمسمائة فقالوا يا إدريس إن الملك بعثنا لنذهب بك إليه فقال انظروا إلى مصارع أصحابكم قالوا متنا من الجوع فارحم وادع أن يمطر علينا فقال يأتيني الجبار ثم إنهم سألوا الجبار أن يمضي معهم فأتوه ووقفوا بين يديه خاضعين فقال إدريس الآن فنعم فنسأل الله تعالى أن يمطر عليهم فأظلمتهم سحابة من السماء فأرعدت وأبرقت وهطلت عليهم.
فصل فيما نذكره من الجزء الأول من كتاب فقه القرآن الشريف تأليف الشيخ السعيد هبة الله بن الحسن الراوندي من الوجهة الأولة من الكراس الثامن من القائمة السادسة بلفظه.
فصل وقال الله تعالى ـ (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها) إن المراد بالمساجد في الآية الأرض ـ لقول النبي (ص) إن الله جعل الأرض مسجد فالأرض كلها مسجد يجوز الصلاة فيه إلا ما كان مغصوبا أو نجسا ـ وروي ذلك عن زيد بن علي عن آبائه (ع) أن المراد به جميع الأرض لقوله (ع) جعلت الأرض مسجدا.
يقول علي بن موسى بن طاوس بحسن تحقيق القول في هذه الحال لئلا يشتبه ذلك على من يقف على ما ذكره من الاعتدال واعلم أن سياق الآية الشريفة يظهر منه خلاف هذه الإشارة الضعيفة لأن الله تعالى قال ـ (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ) فالسعي في خرابها مفهومه مساجد عامرة بلغة المخاطبين وقوله تعالى (أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ) يدل على أن الأرض ما تسمى مساجد وهي التي قاموا فيها قبل أن يدخلوا المساجد