إن عادة ملوك الدنيا إذا زينوا ملكا عظيما جعلوا له سوارا فلعل هذا على ذلك النحو ولعل المراد أن الحلية تختلف حال لبسها وحال لابسها على قدر المكان والزمان والسلطان فلكل وجه من هذه الوجوه في التعظيم عرف يختص به يعرف به وجوه التكريم فيمكن أن تكون فضة الجنة تخالف فضة الدنيا ويكون لون جسم الذين يحلون بالفضة ومراتبهم يكون هناك في المملكة هذا شعارهم وهذا جمالهم أو لعل المراد أن الحلية للرجال هناك بالفضة علامة على أنهم قد بلغوا عند الله تعالى منزلة من القرب والحب ما لم يبلغها وما يكون المقصود منها مجرد الزينة ولا القيمة بل التعريف لأهل الجنة بأن هذه الحلية لأخص الخواص مثلا ولأهل الاختصاص.
يقول علي بن موسى بن طاوس وقد تركت ما وجدت من الغلط والتغير فيما ذكره الجبائي من التفسير لأنه كان يحتاج إلى مجلدات وإنما اتفق وقوع خاطري عند لمح كتابه على ما ذكرته من الآيات فلم أسحر قول الكشف عنها لئلا يقلده أحد فيما غلط فيها وأحذر من وقف على كتابه أن يقلده في شيء من أشيائه ولا ينظر إلى من قال بل إلى ما قال ويعتبر في ذلك بقول غيره من أهل الورع في المقال وذوي العقل والعدل في شرح الأحوال وهذا آخر ما أردنا ذكره في هذا الباب بحسب ما رجونا أن يكون خالصا لرب الأرباب وهذا تفسير الجبائي من نسخة عتيقة لعلها كتبت في حياته أو قرب وفاته وقفنا منها ما وافق الحق من تأويلاته.
فصل فيما نذكره من تفسير عبد الجبار بن محمد الهمداني الذي كان يقول قضاء القضاة واسم كتابه فرائد القرآن وأدلته حصل لنا منه عدة مجلدات واعلم أن هذا عبد الجبار ممن كان مشتهرا بطلب الدنيا والرئاسات والحرص على الادخار وذخائر أهل الغفلات فهو أخذ في تصانيفه في التعصب على الإمامية والعترة النبوية الذين لم يكن لهم دولة نبوته فعذره فيه أنه كان طالبا للدنيا فسعى فيما يحصلها به فلا يقلد في العقائد والأديان وذكر هلال بن عبد المحسن بن إبراهيم الصبابي في الجزء الثالث من تاريخه ـ