ولأن الشارع كره نقل الحصى والتراب من المسجد فلو كانت الأرض كلها مسجدا سقط هذا الحكم ويقال أيضا بالروايات متظاهرة بتفاوت الصلاة في المسجد والبيت وفي السوق والمستبعد أن تكون كلها مسجدا ونذكر في اللفظ المختلف والتفاوت المختلف ويقال إن الشارع حرم دخول النجاسة إلى المسجد وأين تكون بيوت الطهارات لو كانت الأرض كلها مسجدا ويقال أيضا إن المجنب ممنوع من دخول مساجد المسلمين فلو كانت الأرض كلها مسجدا كيف يكون حال الممنوعين ولم نستوف كلما نعرفه في هذا الباب وإنما لو قال إن الأرض كلها يصح السجود عليها أو الصلاة فيها ما لم يكن مغصوبا أو نجسا نجاسة متعدية كان أحوط وأقرب إلى الصواب
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من فقه القرآن للشيخ السعيد هبة الله الراوندي وهو تمام الكتاب من الوجهة الثانية من أواخر القائمة العاشرة من الكراس الخامس عشر بلفظه.
فصل قوله تعالى (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أمر الله نبيه أن يقول لهؤلاء الكفار أنه لا يجد فيما أوحي إليه شيئا إلا هذه الثلاثة وقيل إنه خص هذه الأشياء الثلاثة بذكر التحريم مع أن غيرها يحرم فيما يذكره في المائدة كالمنخنقة والموقوذة لأن جميع ذلك يقع عليه اسم الميتة وفي حكمها فبين هناك على التفصيل وهاهنا على الجملة وأجود من ذلك أن يقال حصر الله هذه الثلاثة تعظيما لتحريمها بمفردها وما عداها في موضع آخر وقيل إنه سبحانه خص هذه الأشياء في نص هذا القرآن وما عداها بوحي غير القرآن أو قبل أو ما عداه فيما بعد بالمدينة والسورة مكية هذا لفظه في كتابه.
يقول علي بن موسى بن طاوس اعلم أن قوله تعالى ـ (لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا) ما استثناه ظاهره يقتضي أن تحريم هذه ـ