واطلع على ما أخفي عنه التواتر بها لعلم بمخبرها ولكنه اعتقد بوجوب التكذيب والعصبية عليهم كما اعتقدت الفرق المخالفة للإسلام فأظلمت عليه الطريق وبعد عنه التوفيق والتصديق وهو وأصحابه محجوجون بالحجج التي يحتج بها كافة المسلمين على اليهود والنصارى وأعداء الدين في جحودهم لنصوص الله تعالى على سيد المرسلين.
فيما نذكره من الجزء الخامس من تفسير عبد الجبار المسمى بالفرائد من أول قائمة منه من الوجهة الثانية منها بلفظه سورة الفرقان وهي مكية قوله تعالى ـ (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ) يدل على أمور منها أن عند ذكر نعمة في الدين والدنيا يستحب تقديم تعظيمه بأسمائه الحسنى لأن (تَبارَكَ) مبالغة في البقاء والدوام لم يزل ولن يزال ومنها وصف القرآن بأنه فرقان من حيث يعرف به الحق من الباطل ولن يكون كذلك إلا مع كونه دلالة على جميع ذلك فدل من هذا الوجه على أن الاستدلال به ممكن وعلى أنه يعرف بظاهره المراد به ولو كان كما قال قوم من أنه لا يعرف المراد إلا بتفسير أو بقول إمام لخرج من أين يكون يفرق بين الحق والباطل ومنها أن المعارف مكتسبة إذ لو كانت ضرورية لما عرف بها الحق من الباطل وكانت لا تكون فرقانا.
يقول علي بن موسى بن طاوس قول عبد الجبار إنه يدل على تقديم تعظيم أسمائه الحسنى من أين دل على ذلك وليس في لفظه صورة أمر وإن كان من حيث إن الله تعالى قدم لفظ (تَبارَكَ) يفهم منه الإرادة لمثل ذلك فهلا قال إنه واجب ومن أين عدل عن ظاهر مفهومه عنده إلى أنه مستحب ولأي حال خص عبد الجبار التعظيم لله تعالى بأسمائه الحسنى دون غيرها من وجوه التعظيم له تعالى وليس في لفظ (تَبارَكَ) ولا معناها معنى أسماء الحسنى وهلا قال إنه جل جلاله تعظيم ذكر أسمائه الحسنى ووصفه بها.
أقول وأما قوله إن (تَبارَكَ) معناها البقاء والدوام فهذا ما هو في ظاهر اللفظ فأين الشاهد عليه من العربية والعرف وهل يفهم ذو بصيرة من