الحجة عليه وهو الحق.
أقول وبلغني عن بعض من عهد موضع الحجة فيما احتج به إبراهيم وقال هذا الجاهل لو كان حديث إبراهيم منه مكابرة وقال إنه يأتي بالشمس من المشرق فليأت بها ربك من المغرب فقلت إن نمرود ربما يكون المانع له من هذا المكابرة وعلم أنه وكل من معه يعلمون بالمعاينة وبتعريف آبائهم وأسلافهم أن هذه الشمس كانت تطلع من المشرق قبل وجود نمرود فلو ادعى نمرود أنه يخرجها هو من المشرق كذبه كل واحد وكان ذلك قاطعا له وافتضاحا قال البلخي في الوجهة الأولة من القائمة الخامسة من الكراس السادس المذكور ما هذا لفظه ـ (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) إنه عند الجميع وفي هذه الآية دليل على أن الكبائر تحبط الطاعات وتبطل ثواب فاعلها.
يقول علي بن موسى بن طاوس كيف عرف أن هذه الآية تدل على الإحباط وليس في ظاهرها إلا مدح من ينفق في سبيل الله ولا يتبع نفقته منا ولا أذى وأنه يستحق أجرا ولا يخاف ولا يحزن أما يحتمل هذا الظاهر أن الذي ينفق في سبيل الله وعن علي (ع) من يتصدق عليه أو يكذب عليه أنه يمكن قبول صدقته ولكن لا تكون بهذه الصفات في مدحته وعظيم منزلته كان الذي اعتمد عليه البلخي بعيد من دليل الخطاب ومما ينبه على أنه ما هو محبط للثواب قول الله تعالى في الآية التي بعدها ـ (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً) والظاهر من قوله تعالى ـ (خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً) ربما دل على أن الصدقة مع الأذى يحصل منها خير ولكن بغير أذى أفضل وخير من تلك لأن لفظ المفاضلة يقتضي المشاركة إلا أن يمنع من ذلك مانع ولو كان قد فرق بين الجاهل بشرط الإنفاق في سبيل الله إذا من بها لجهله وبين العالم بشروطها إذا من بها مع علمه لكان قد قارب في أن العالم غير معذور ولكن الإحباط بعيد بهذه الآية مع ما دلت عليه الآية الأخرى وقد دلت الأدلة على بطلان التحابط على الوجه الذي