الاحتجاج على المتخلفين عن الإيمان بالله واليوم الآخر بما عليهم فيه ولهم وذلك يجب على الإنسان أن يحاسب نفسه فيما عليه وله فإذا ظهر له ما عليه في فعل المعصية من استحقاق العقاب اجتنبها وما له في تركها من استحقاق الثواب عمل في ذلك من الاختيار له والانصراف عنه وفي ذلك دلالة على بطلان قول المجبرة في أن الكافر لا يقدر على الإيمان لأن الآية نزلت على أنه لا عذر للكفار في ترك الإيمان ولو كانوا غير قادرين لكان فيه أوضح العذر لهم ولما جاز أن يقال (وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ) لأنهم لا يقدرون عليه كما لا يجوز أن يقال لأهل النار ما ذا عليهم لو خرجوا منها إلى الجنة من حيث لا يقدرون عليه ولا يجدون السبيل إليه وكذلك لا يجوز أن يقال للعاجز ما ذا عليه لو كان صحيحا وللفقير ما ذا عليه أن يكون غنيا.
يقول علي بن موسى بن طاوس إن من العجب أن يكون الكفار يصدقون بما يسمعون من أخبار البلاد ولو كان المخبر بها من الآحاد ويصدقون من يخبرهم بخوف ضرر عليهم من أضعف الظنون ويتحرزون من ذلك ويتحفظون ويصدقون الكهنة والقافة وأصحاب الزجر والفأل ويرجعون إلى قولهم من مهمات الأحوال ويكون محمد (ص) والأنبياء (ع) في الدلالة على مخرجهم من العدم إلى الوجود ومن يرون تصرفه جل جلاله فيهم باهرا ظاهرا بالحياة والموت والشباب والهرم والصحة والسقم والغنى والفقر والنوم واليقظة وكلما يعجزون عن دفعه عنهم ويعلمون أنه ما هو منهم ولا يلتفتون إلى محمد (ص) وسائر الأنبياء وشواهد تصديقهم حاضرة فيهم من العقول والأحلام ويحذرهم محمد (ص) مما لا طاقة لهم بأهواله ولا صبر على احتماله من العذاب الدائم في النيران ومن أعظم الهوان فلا يأخذون بالحزم والاستظهار وقد تحرزوا مما هو دونه من الأخطار ودون منه (ع) من أهل الأخبار وكيف صار عندهم دون كاهن ضعيف وقائف سخيف وزاجر بالأوهام وصاحب فأل ومنام.
أقول وكم قد دخلوا فيما يغلب ظنهم بغرره أو يعلمون بخطره لأجل