يقول علي بن موسى بن طاوس اعلم أن اليهود إما كانوا قد عرفوا من جانب موسى أن محمدا رسول الله فكتموا ذلك وعامدوه أو أنه غالب لهم ومذل بهم ومسلط عليهم ولا يدري أحد الأمرين لأجل ما يدعونه من شفقة موسى عليهم وتعريفهم بما يحدث بعده عليهم وعلى هذا فإن الذين حاربوا رسول الله (ص) مقاتلون مستحقون لما جرى عليهم من الاستيصال حيث عرفوا أنه قاهر لهم ومسلط عليهم فلم يلتفتوا إلى سابق علمهم به وأهلكوا نفوسهم بأيديهم وتعرضوا للقتال وهموا بذلك على أن سلف اليهود عملوا بالجحود على كل حال وأن من تخلف منهم غير معذور في الاقتداء بهم في الضلال وقد عرفوا منهم أنهم كانوا حقيقة علمهم السابق وعاندوا في سلوك سوء الطريق
فصل فيما نذكره من الجزء الثامن من الكشاف للزمخشري من الوجهة الأولة من القائمة السادسة من الكراس السادس منه بلفظه ـ (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) يجوز أن يكون استثناء متصلا أي لا أسألكم أجرا إلا هذا وهو أن تودوا أهلي وقرابتي ولم يكن هذا أجرا في الحقيقة لأن قرابته قرابتهم فكانت صلتهم لازمة لهم في المودة ويجوز أن يكون منقطعا أي لا أسألكم أجرا قط ولكن أسألكم أن تودوا قرابتي الذين هم قرابتكم فلا تؤذوهم فإن قلت فهلا قيل إلا مودة القربى أو إلا المودة للقربى وما معنى قوله (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قلت جعلوا مكانا للمودة ومقرا لها كقولك لي في آل فلان مودة ولي فيهم هوى وحب شديد تريد أحبهم وهم مكان حبي ومحله وليست في بصلة للمودة كاللام إذا قلت إلا المودة للقربى وإنما هي متعلقة بمحذوف تعلق الظرف به في قولك المال في الكيس وتقديره إلا المودة ثابتة في القربى ومتمكنة فيها والقربى مصدر كالزلفى والبشرى بمعنى القرابة والمراد في أهل القربى ـ وروي أنها لما نزلت قيل يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال (ص) علي وفاطمة وابناهما ويدل عليه ما روي عن علي شكوت إلى رسول الله حسد الناس لي قال