وحمايتهم منهم شاملة وإلا أي معنى يكون لتأويل الجبائي (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) إلا أنك تبلغ منهم هلاكهم إلا القليل في الدنيا والآخرة.
أقول وأما قول الجبائي إن الشيطان ضعيف عاجز وإنه لا يرى.
أقول كيف يكون عاجزا وهو عدو يرى بني آدم من حيث لا يرونه ومن المعلوم أن العدو إذا كان يرى عدوه من حيث لا يراه ظفر به وأهلكه سريعا وكيف صار من هذه صفته عند الجبائي عاجزا وكيف فهم من قول إبليس لرب العالمين ـ (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) إن هذا القول من إبليس تهديد عاجز ضعيف أعاذ الله كل مسلم من تأويلات رأي الجبائي السخيف وهل هو في العقول أن عدو العبد سلطان قاهر يقول مواجهة ومجاهرة لسلطانه إنني أغوي عبيدك أجمعين ولا يسلم منهم إلا القليل ولا يعتذر العاجز ولا يظهر خوفا ولا ذلا إن هذه صفة عبد عاجز بل الجبائي العاجز الذي هو من جملة مضاحك إبليس ومن لعب به الذي حكيناه وأما قول الجبائي إنه خلقه يعني الشيطان خلقا ضعيفا فيقال له إن كان ضعيفا إبليس عند الجبائي لأجل أن خلقه رقيق خفي فالملائكة الذين يقلبون في البلاد ويصيح بعضهم صيحة تورثها الخلائق وأمد بهم الأنبياء في الحروب ينبغي أن يكون ضعفاء عاجزين عند الجبائي على هذا وكذلك ينبغي أن يقول عن الجن الذين كانوا من أقوى جند سليمان بن داود يكونوا ضعفاء عاجزين لأجل رقتهم وخفائهم وكذلك العقول التي تتقوى بها الخلائق على دفع أخطار الدنيا رقيقة خفية لا يراها الناس كما ذكر الجبائي وكذلك الأرواح التي تقوم بها قوة أهل الحياة رقيقة خفية لا يراها الناس والأهواء التي تخرب وتقطع وتصل أيضا رقيقة خفية
فصل فيما نذكره من الجزء الحادي عشر أيضا من تفسير الجبائي قبل أخوه اثنتي عشرة قائمة في تفسير قوله تعالى (فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) فقال الجبائي ما هذا لفظه ويقال إن هذا الإنسان هو الخضر وليس ذلك بصحيح لأن الخضر يقال إنه أحد