وما تأخر فالذي نقلناه من طريق أهل بيت النبوة أن المراد منه ليغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر عند أهل مكة وقريش بمعنى ما تقدم قبل الهجرة وبعدها فإنك إذا فتحت مكة بغير قتل لهم ولا استئصال ولا أخذهم بما قدموه من العداوة والقتال غفروا ما كانوا يعتقدونه ذنبا لك عندهم متقدما أو متأخرا وما كان يظهره من عداوتهم في مقابلة عداوتهم له فلما رأوه قد تحكم وتمكن ولا استقصى ولا استصفى غفروا ما ظنوه من الذنوب المتقدمة والمتأخرة وهذا الذي يليق بمن اصطفاه الله على جميع أهل الاصطفاء وجعله خاتم الأنبياء والحاكم عليهم يوم الجزاء وأول مبعوث وأول شافع وأول مشفع وأول مقدم يوم الحساب وأول من يحكم في دار العقاب ودار الثواب.
فصل فيما نذكره من الجزء الحادي والثلاثين من تفسير البلخي من الوجهة الثانية من القائمة الأخيرة من الكراس الثالث قوله (وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ أَحَداً وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً) ثم ذكر البلخي اختلافا بين المفسرين في أنه هل كان رمي الشياطين والمخبر بالنجوم قبل مبعث النبي (ص) أم لا فذكر عن بعضهم أنه لم يكن ثم قال البلخي ما هذا لفظه وإنما دلت الآية على أنهم منعوا عند مبعث النبي بشدة الحراسة عن قليل ما كانوا يصلون إليه من المقاعد أقول واعلم أنه ربما ظهر من الآية أنه يمكن أن يكون رمي الشياطين بالنجوم قبل البعثة قليلا وفي مقعد دون مقعد لأجل قوله تعالى حكاية عنهم ـ (فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً) ولو كانوا ما وجدوا فيها شهبا قبل المبعث لعلهم كانوا يقولون فوجدنا فيها حرسا شديدا وشهبا فذكروا أنها ملئت فكأنه يقتضي أن السماء كانت قبل المبعث غير ملأى من الحرس والشهب فلما بعث ملئت حرسا شديدا وشهبا.
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني والثلاثين من تفسير البلخي من الوجهة