بمحضرهم ومشاهدتهم وهم ينظرون هباء منه منثورا تلفا لا أصل له فإن إتلاف ما يعتقده الإنسان ملكا له ونافعا له بمحضره ومشاهدته أوقع في عذابه وهوانه من إتلافه بغير حضوره.
أقول ولو أردنا أن نذكر لكل ما ذكره الرماني وجوها في الفصاحة والبلاغة أحسن مما ذكره رجونا أن يأتي بذلك من بحار مكارم مالك الجلالة والأعراق المتصلة بيننا وبين صاحب الرسالة إن شاء الله تعالى.
فصل فيما نذكره من كتاب اسمه متشابه القرآن لعبد الجبار بن أحمد الهمداني وكانت النسخة كتبت في حياته من الوجهة الثانية من القائمة الثانية من الكراس التاسع بلفظه قوله تعالى ـ (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) إلى قوله (أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) يدل على أشياء منها وصف المؤمن بذلك على طريق التعظيم في الشرع لأنه لو جرى على طريقة اللغة لم يصح أن يجعل تعالى المؤمن هو الذي يفعل ما ليس بتصديق كما لا يجوز أن يجعل الضارب هو الذي يفعل ما ليس بضرب به ومنها أن الإيمان ليس هو القول باللسان واعتقاد القلب على ما ذهب المخالف إليه وأنه كل واجب وطاعة لأن الله تعالى ذكر في صفة المؤمن ما يختص بالقلب وما يختص بالجوارح لما اشترك الكل في أنه من الطاعات والفرائض ومنها ما يدل على أن الإيمان يزيد وينقص على ما تقول الآية إذا كان عبارة عن هذه الأمور التي يختلف التعبد فيها على المكلفين فيكون اللازم لسعيهم ما يلزم المعنى فيجب صحة الزيادة والنقصان فيه وإنما كان يمتنع ذلك لو كان الإيمان خصلة واحدة وهو القول باللسان واعتقادات مخصوصة بالقلب ومنها أنه يدل على أن الرزق هو الحلال لأنه تعالى جعل من صفات المؤمن ومن جملة ما مدحه عليه أن ينفق مما رزق ولو كان ما ليس بحلال يكون رزقا لم يصح ذلك ومنها أن الواجب على من سمع ذكر الله تعالى والقرآن أن يتدبر معناه وهذا هو الغرض فيه لأن وجل القلوب والخوف والحذر لا يكون بأن يسمع الكلام فقط من غير تدبر