للجبائي هذا طعن صريح في الصحابة من أهل بدر فما عذرك في ذلك وإذا أجزت عليهم مثل هذا الطعن والمخالفة لله تعالى ولرسوله (ص) والرسول بين أظهرهم فكيف جعلت المخالفة منهم بعد وفاته متعذرة وكيف رفعت المعلوم من محاربتهم لعلي (ع) في البصرة وصفين وما حررت هناك ما قد شهدت هاهنا عليهم من التصريح بمخالفتهم لله تعالى ولرسوله (ص) ولقد كنت في شغل من هذه المناقضة والطعن على الصحابة وما رأيته ذكر أسماء هؤلاء الذين طلبوا الفدية من الأسراء يوم بدر والتفسير للقرآن يقتضي ذكرهم لئلا يبقى الطعن عاما محتملا للبريء منهم ولو شئت أن أسمي من ذكروه وشهدوا عليه أنه طلب الفدية وأشار بترك القتل لفعلت ومن يكون له معرفة بكتبهم يعلم من أشار من أئمتهم بأخذ الفدية.
فصل فيما نذكره من الجزء التاسع وهو أول المجلد الخامس من تفسير الجبائي من الوجهة الثانية من القائمة الخامسة من الكراس الثاني منه بلفظ ما نقل منه وأما قول الله سبحانه وتعالى ـ (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ) فقال الجبائي وعنى بقوله ـ (وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ) وأن شركاءهم انتفوا منهم وقالوا ما كنتم تعبدوننا بأمرنا وإرادتنا لأن الآخرة لا يكون فيها كذب لأن التكليف فيها زائل فلا بد أن يلجئ الله فيها العقلاء إلى ترك ما قبحه في عقولهم من الكذب وغيره ولو لا ذلك لما جاز أن يزيل التكليف عن العقلاء لأن ذلك يؤدي إلى إباحة الكذب والقبائح وهذا لا يجوز على الله تعالى فصح أن معنى قول شركائهم (ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ) هو على المعنى الذي ذكرناه.
يقول علي بن موسى بن طاوس إن قوله يعني ما كنتم تعبدوننا بأمرنا تحكم عظيم على الله تعالى ولعل العقول السليمة لا تقبل أن الأحجار والأصنام تقول لهم ما كنتم تعبدوننا بأمرنا لأن الأمر ما كان بسببه أنهم كانوا يعبدونهم بأمرهم وهلا قال إنه يحتمل إنما كنتم تعبدون أهواءكم ـ