يكون مسرورا ومتفرغا لنظر هلاك عدوه ويقال أيضا إن أصحاب فرعون لما نزلوا خلف أصحاب موسى جعل طرف البحر والماء الذي بينهم كالشباك الذي ينظر منه بعضهم إلى بعض فعلى هذه الرواية كانوا ناظرين لهلاكهم ومسرورين به ويقال وإن كان هلاك فرعون وأصحابه بعد أن صار موسى وأصحابه على ساحل البحر وأيقنوا بالسلامة فكيف لا يكونون ناظرين إليهم ومشغولين بالسرور بانطباق البحر عليهم وهل يكون لهم عند تلك الحال وفي ذلك الوقت شغل إلا مشاهدتهم ونظرهم كيف يهلكون.
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من كتاب الفراء من الوجهة الأولة من القائمة الثانية من الكراس الثاني منه بلفظه ـ (مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ) يعني مبينات من الأصل للحرام والحلال ولم ينسخن الثلاث الآيات في الأنعام أولها (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) والإتيان بعدها قوله (هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) يقول هن الأصل ـ (وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) وهن (المص) و (المر) أو (الر) متشابهات على اليهود لأنهم أرادوا أن يعرفوا مدة الإسلام وأكل هذه الأمة من حساب الجمل فلما لم يأتهم على ما يريدون قالوا خلط محمد وكفروا بمحمد.
يقول علي بن موسى بن طاوس من أين عرف الفراء أن مراد الله تعالى بالآيات المحكمات الثلاث ومن أين ذكر أنهن محكمات وقد وقع تحريم كثير في غيرهن وفي الشريعة وخصص عمومهن وظاهر قوله تعالى (مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ) أن الضمير راجع إلى الكتاب كله والكتاب يشتمل على محكم كثير يعرف من ظاهر المراد به فكيف عدل عن ذلك كله وأما تعينه الآيات المتشابهات بالحروف فهو أيضا تحكم عظيم وليس في ظاهرها ما يقتضي ذلك ولا إجماع على ما ذكره ولا حجة من عقل ولا نقل والقرآن فيه من المتشابه التي قد صنف المسلمون فيه المجلدات ما لا يخفى والإجماع على أنه متشابه.
أقول وأما قوله عند اليهود فإذا كان القرآن قد تضمن أنهم (يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) يعني حديث النبي (ص) فيكون قد